تسعى الوزارات لاستحداث أنظمة وقوانين ترفع من مستوى الرقي بمجتمعها لتصبح وسماً يتوج وزاراتهم وتحقق بها أهدافهم وبناء الوطن، الإنسان والمكان، في كافة نواحي الحياة، ولعل التربية ثم التعليم هما أول وأهم الأسس في بناء الإنسان ورسم هويته وتحقيق طموحاته وتوجيه سلوكه وفق أخلاقيات دينه ومجتمعه أو محيطه الذي يلعب دوراً مهماً في ذلك السلوك، ولعل الطالب والمعلم هما المحك الأساسي في تلك الرواية، وهما من يتلقيان الأنظمة من وزارة التربية والتعليم، التي بقت عاجزة حتى الآن عن توفير أنظمة واضحة وصارمة ومنطقية بأساليب تربوية تجعل من سطح الاحتكاك مزلاقا لتعليم أفضل ومخرجات أفضل، وبناء مواطن صالح ومنتج، يستطيع أن يخدم مجتمعه ووطنه، ويرقى بنهضته. نسمع دائماً عن اعتداء معلم على طالب أو طالب على معلم، وتعنيف معلم لطالب وطالب لمعلم، حتى وصلت إلى حالات القتل، التي أخاف أن تصبح موضة تغزو مجتمعنا، أو مرضاً معدياً قابلاً للتفشي والفتك بمستقبل أبناء الوطن، إذا لم يوجد العلاج المناسب واللقاح الفعال للحد من انتشاره، وإيقافه نهائياً، حتى يستطيع كل من المعلم والطالب القيام بمهامهما الدينية والاجتماعية والخلقية والأسرية والوطنية على أكمل وجه في ظل إصدار نظام منصف لكليهما، وتحت مظلة تكفل حقوق الجميع. هنا يجب على وزارة التربية والتعليم إصدار لوائح واضحة ومحايدة، توقف فيها ما يحدث من اعتداءات بين المعلم والطالب. المعلم أصبح حقل تجارب لأنظمة الوزارة، لذا ينبغي أن من يضع هذه الأنظمة أن يكون على دراية كاملة بمسرح العملية التعليمية، وأن يستشار المعلم فيها، كونه أكثر شخص علماً وخبرة بما يجري في الدور التعليمية وسلوك الطلاب. ينبغي أن يكون للمعلم دور في تطوير الأنظمة أو وضع القرارات والتعاميم التي تخص الحركة التعليمية في دور العلم والبناء، فالمعلم هو المادة الأهم في تأسيس وإنشاء وبناء المجتمع والوطن، لذلك يجب أن يكون قوياً مدعوماً تكسبه ثقة يستطيع من خلالها تقويم وإنشاء وإعداد جيل قوي يستطيع أن يتحمل مسؤولية وطنه وخدمة مجتمعه ورقيهما. لست هنا ضد طلابنا وأبنائنا فلهم أيضا حقوق ضد مرضى التعليم من المعلمين الذين يتمتعون بإهانة الطالب أو الاعتداء عليه، لذلك أركز على وضع أنظمة محايدة دون جور على أحد، تكفل هيبة المعلم وحقوق الطالب معا ليستطيع الجميع السير على إيقاع تربوي تعليمي دون نشاز. هكذا ستصبح مخرجات التربية والتعليم منتجة وبنّاءة لجيل جدّي وقوي ومهيّأ وقادر على تشريف الوطن والمضي به إلى مصاف الأمم المتقدمة. كنت أول المستبشرين بقرار تعيين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وما زالت، أعرف عن شخصيته القيادية الفذة والمبتكرة كثيراً وعن فكره التطويري وخياله الحالم بالنجاح دوما، الكثير والكثير ولعل منجزاته شاهدة على ذلك الأمر الذي يؤكد ولادة بيئة تربوية وتعليمية أكثر تطوراً وأقل فساداً وأكثر عدلاً.