تُعد الأموال التي تمتلكها الدولة والمخصصة لمنفعة عامة المجتمع أموالاً عامة، لذا تكفل الدول حرمتها، بل ويكفي الاعتداء عليها على أنه اعتداء على كيانها الاقتصادي، في المقابل يُعد حسن إدارة المال العام وإحكام حراسته انعكاساً لقوة الدولة، وتعد حصانة المال العام أو «قدسيته» عن اضطلاع الأجهزة المعنية بالدور المناط بها لحمايته، بينما يجسد حسن تعامل المجتمع مع المال العام والرفق به انتمائهم الوطني. منظومتنا التشريعية المعنية بحماية المال العام مشتتة بين قانون يطبق على وظائف محددة بذاتها، كما في نظام مباشرة الأموال العامة لعام (1395ه)، وقانون آخر يستوعب كل صور الاختلاس وتبديد المال العام الأخرى وينظمها المرسوم الملكي رقم (43) لعام (1377ه)، وبالتالي يتضح قدم كلا القانونين في ظل ما طرأ من تنوع لأساليب الاختلاس وتطور لأدواته وآلياته. ارتفاع معدل قضايا الاعتداء على المال العام بنسبة (47%) عن العام الماضي، ينم عن الجرأة في التطاول على النظام وتزايد مناخ التفريط بالمال العام نتيجة الشعور بضعف دور السلطة الرقابية وغياب المحاسبة القانونية، لذا نحن في حاجة لمشروع لإحياء الضمائر وإشاعة ثقافة تقوى الله سبحانه وتعالى وخشيته، وضمان نفاذ وبسط نفوذ القوانين وفرض سلطتها، لتتشكل القناعة بأن مخالفة القانون رخصة للعقاب وليس مقاماً لتمكين المختلس للتخلص من الأموال المختلسة عبر بوابة حساب إبراء الذمة، ومن ثم الإفلات بجنايته.. بعد أن تضخمت الثروة!