كتب الصديق “نديم الهوى” مذكراته اللندنية بعد خمس وعشرين سنة من حدوثها، بعد رحلة لمدينة لندن استمرت سنتين بصحبة أخيه المصاب بسرطان الدم الذي انتقل إلى رحمة الله، ونشرها في كتاب من 247 صفحة من القطع المتوسط في شهر ديسمبر الماضي، وحققت المركز الأعلى مبيعاً في الموقع الإلكتروني الشهير للكتب “النيل والفرات”، وهو الذي جرب النشر لأول مرة. حينما أطلعني نديم الهوى على مسودة مذكراته سُحرت بجمال العبارة ودقة الوصف وحلاوة التعبير وشددت على يديه وقلت له إن مذكراتك ستلقى رواجاً كبيراً. في مذكرات امتلأت بالدراما والرومانس والمغامرة المليئة بالمفارقات لشاب يافع، للتو تخرج من الثانوية بالدمام إلى مدينة لندن بسحرها وسطوتها خصوصاً في الثمانينات. سبب نجاح مذكرات نديم الهوى اللندنية هو الصدق، ما يخرج من القلب يصل إلى القلب، بالإضافة إلى ثقافته الغزيرة وتوافر عنصر التشويق لديه عندما يسرد حكاياته. سبب آخر للنجاح أنه لم يُسمها رواية فيوقع نفسه في إشكالات مع النقاد، بحكم أن الرواية فن قائم له أصوله وتكنيكاته، فأتى السرد طبيعياً سلساً وممتعاً. كتابة المذكرات ونشرها فن لم ينتشر كثيراً لدينا بحكم تعلق العالم العربي بقوالب فكرية ثابته كالشعر والرواية وكبلنا أنفسنا بمعايير وأغفلنا جانب البساطة والصدق والمتعة في الكتب. أنصحكم بتدوين مذكراتكم والاحتفاظ بها، من يدري؟ ربما يوماً ستنشرونها بما فيها من الحكايات الإنسانية الصادقة ولو بعد حين وتلقى النجاح والانتشار. أكثر الكتب التي يقرؤها الأمريكان والأوروبيون هي قصص إنسانية ممتعة على هيئة مذكرات لناس عاديين، بدلاً من روايات محكمة الشروط لا يقرأها أحد!