الموت هادم اللذات ومفرق الجماعات ومصير كل حي في هذه الدنيا، وسبحان الحي الذي لا يموت. لقد خرجت النفس وارتفعت إلى بارئها، ودفن الجسد في الأرض التي خلق منها وعاش عليها. مات الميت، وكل من على الأرض ميتون، فلكل نفس أجل، لا تتأخر عنه ولا تتقدم مهما تعددت الأسباب والأحداث، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وعظّم الله أجركم وأحسن عزاكم. إنه الفراق الصعب، والمصيبة المؤلمة والمنتظرة، وكل مصيبة تهون إذا تذكرنا مصيبتنا في وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وتخف مصيبتنا إذا أدركنا أننا كذلك راحلون، ونفرح ونسعد إذا أيقنا أننا في دار القرار مستقرون، وفي الجنة مجتمعون على سرر متقابلين، وأننا سنقدم ضيوفا للرحمن الرحيم الكريم اللطيف العفو الغفور الودود، فعلينا أن نحسن الظن بربنا، ونعمل لليوم الموعود، فنحن على الطريق ذاهبون، فلنتزود بالأعمال الصالحة، وخير الزاد التقوى.. الله يرحمنا برحمته ويحسن خاتمتنا ويغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. هذا هو الموت، لا يعرف أحدا ويأخذ كما هو مكتوب بالأجل أرواح من كانوا بيننا تتخطفهم يد المنون، فنحزن ونتأثر، وإن العين لتدمع والقلب ليحزن، ولكن لا نقول إلا ما يرضي خالقنا، فلا نياحة ولا شق جيوب وصراخ، ولو كان ولو ما كان، فلا البكاء والصراخ ولا قول لو يرد الميت. ليس علينا إلا الاستسلام والانقياد لقضاء الله وقدره والإدراك بأنا لله وإنا إليه راجعون، فمهما عشنا فالموت مدركنا ولو كنا في بروج مشيدة، وتعددت الأسباب والموت واحد. واجبنا هو الصبر والتصبر والدعاء للميت ولأهل الميت وعمل الطعام لهم وعدم الإسراف وإزعاجهم، فما يحدث في بعض أماكن العزاء من ولائم وإسراف وتجمعات وسهر وضحك وسوالف وحكايات وقفل الطرقات وإعلانات وتعطيل المصالح والمهمات وغيرها لا ينبغي، بل الأفضل التذكير بالموت، فالموت خير واعظ، والتصدق والذكر والاستغفار ومراجعة النفس. وعلى أولياء أمور الميت تهيئة أهل الميت وإخراجهم من الحزن بعد أيام العزاء الثلاثة، فالحزن لا ينفع، بل علينا الإكثار من الاستغفار والدعاء، وقديما قالوا كنا نعد الجلوس للعزاء من النياحة، فعلينا أن نغير العادات والأفكار السلبية التي تحدث في مجالس العزاء، فبالعلم نتطور لا بالتقليد والعادات والأعراف الجاهلية. أسال الله أن يرحمنا ويغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.