يعبرنا الوقت ويمضي بأجمل الأيام والليالي، وحينما نستفيق لن نجد إلا حفنة من بقايا العشب الذي لهونا عليه يوماً، أو صورة مختلة التفاصيل تجمعنا بمن أحببناهم ذات هوى طفولي.. فيا من سكبتم في أحداق أحبابكم أجمل القصائد؛ لا تراهنوا أبداً على ديمومة الحال. يقلم أظافره في كل يوم جمعة، ويغسل شغف الأسابيع، ويسير إليها خائفاً على أطراف أصابعه، ويجلس بجوار النافذة كما كان يفعل منذ عشرين عاماً، وحينما يصل يكون الوقت قد مات؛ فهل حرام أن يمارس طقس الشغف الأول ولو ميتاً على وسادة خالية؟! لطالما كان وجهها يفلق عتمة الليل، ويصدح بتعاويذ الهوى؛ لكنه الآن يُمرر ما تبقى له من حياة كي لا يتذكر صرير الباب، وبوح النافذة، والآهة المنبعثة من تجاويف القلب المعنى.. لقد قرر أن يواصل وحدته كما بدأها، وأن يترك الحرية كاملة لما تبقى من شعر رأسه قبل أن يدفنوه بعذلهم حياً. حينما يتهيأ لرواية كامل القصة يتذكر مقص الرقيب، وما يجول بخاطر الحلاق، فيهذب بوحه حتى كأنه لم يقل شيئاً؛ يعلل نفسه أن نكهة الحلبة والزنجبيل وأكواب الشاي بالنعناع لابد أن تصل لمن يفهمها، ولمن يتذكر أيامها بحفاوة.. لقد مر العطر من هنا وأخذ معه كل الحياة!! لا تبحث أبداً عن امرأة تعشقك؛ دع المرأة هي التي تبحث عنك وتختارك بقلبها، وحينما تجدان بعضكما عليك أن تثق فيما حذفه القلب من حواشي الندم.. ستبقى معك إلى الأبد لأنك قدرها الجميل؛ هي حبيبتك المصطفاة أما أنت فوعدها الكاذب الذي لم تكتشفه بعد. ملكات الجمال وصمة عار في سيرة الجمال البشري؛ المرأة هي هبة الأرض الحية ورقتها الفواحة بلا حدود، والذين يضعون مقاييس معينة للجمال لا بد أنهم مروا بتجارب مريرة فأرادوا الانتقام منها بمسابقات ترسخ القبح والفجاجة.. المرأة دائماً جميلة لمن يتأمل بعمق. ذائقتك تتلخص في اختيارك المرأة التي تكتبها، وأنت المسؤول وحدك عن نتيجة هذه الكتابة؛ لا تتهم أحداً بما أنت فيه إن وجدت بعض المصاعب، أو ترهلت حروفك على السطر.. حسبك أن حياتك الملونة من وحيها، وهذا يكفي.