يبدأ طلاب وطالبات التعليم العام في المملكة، اليوم، اختبارات الفصل الدراسي الأول، وكثيراً ما يشعر الطالب والطالبة قبل وأثناء الاختبارات بالضيق والتوتر وخفقان القلب وكثرة التفكير، مما يعيقهم عن الأداء الجيد في الاختبار، ومما لا شك فيه أن شيئاً من القلق ضروري للمذاكرة ودفع الطالب إلى النجاح، أما إذا زاد القلق عن حده، لا سيما لدى منخفض الذكاء، أو التحصيل، أو الهمة، يصبح من الضروري الوقوف ضده والتصدي له، لأنه سيكون عامل إعاقة للاستيعاب الجيد، والنجاح في الاختبار. وأكد عدد من الباحثين، ومنهم «ليبرت موريس» (1976) أن ردود فعل القلق تؤثر على الأداء والإدراك الفعلي للطلاب الذين يعانون من قلق الاختبار. والاختبارات من أهم وسائل قياس مدى قدرة الطلاب والطالبات على فهم المواد الدراسية، ولا يزال الوسيلة أو الأداة الرئيسة التي يرتكز عليها التقويم، ومدى المعرفة، أو تحديد نسب التحصيل الدراسي في معظم دول العالم. ويُعد قلق الاختبار سمة في الشخصية في موقف محدد، ويتكون من الانزعاج والانفعالية، وهي أبرز عناصر قلق الاختبار، ويحدد الانزعاج على أنه اهتمام معرفي للخوف من الفشل، وتحدد الانفعالية على أنها ردود أفعال للجهاز العصبي، والإناث أكثر عرضة لقلق الاختبار من الذكور، وطلاب التخصص العلمي أكثر من الأدبي، وطلاب الشهادة الثانوية كذلك، كما تثبت ذلك نتائج عدد من الأبحاث في هذا المجال. ومن ضمن أسباب هذا القلق: إجراءات الاختبارات التي تؤدي إلى الخوف والقلق، بالإضافة إلى اهتمام الأسرة الزائد بالاختبارات، وعدم مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، بالإضافة إلى عدم الاستعداد الكافي من الطالب للاختبارات، وضعف الثقة بالنفس، واستغلال بعض الأساتذة الاختبار كوسيلة انتقام من الطلاب. وأكد أستاذ علم النفس الإكلينيكي، الدكتور عبدالله الحريري، أن أهم نقطة في الاختبارات هي السيطرة على القلق والخوف الذي يؤدي إلى القلق، لأن القلق عادة ما يشتت الانتباه، ويقلل من استرجاع المعلومات للذاكرة، وعادة الطالب ما يكون يستوعب وحافظ المنهج مقابل أي أمر يؤدي إلى زيادة القلق مثل المنبهات بصفة عامة، لأنها تزيد من التوتر والقلق عند الطالب. وأضاف الحريري: الجانب الآخر يجب ألا يكون هناك نوع من حالة استنفار وقت الاختبار، حتى لا يشعر الطالب بالخوف من الاختبار، وأنه المعيار والمقياس لقدراته خلال السنة، فهو مجرد تحصيل، ولابد أن يكون الطالب مقتنعاً بأن ما تمت دراسته طوال السنة موجود في ذاكرته، لكن لا يخاف ويتعامل مع الموضوع بهدوء دون خوف أو قلق، ويجب على الأسرة ألا تساعد في إيجاد الخوف والقلق عند الطالب، كما يجب على الطالب أن يأخذ وقته في النوم ولا يسهر، وقضية المواصلة تؤدي إلى السلس والإجهاد، والإجهاد النفسي والعصبي يؤثر على قضية استرجاع المعلومة، وبالتالي يزيد من مستوى القلق عنده، ويفضل أن ينام نوماً طبيعياً وأن يأخذ راحته في النوم، ويسترجع معلوماته بشكل هادئ، ويحاول أن يكتب بعض الأشياء والعناوين الرئيسة ليعود إليها للتأكيد في الذاكرة وتكون موجودة أساساً والأهم استرجاعها وقت الامتحان. وقال الدكتور الحريري يجب على المدرسين والمدرسة بصفة عامة في يوم الامتحان وقبل توزيع الأسئلة أن يتكلموا مع الطلاب بهدوء ليخففوا من قلقهم، وأن الموضوع لا يقيس قدراتكم، بل يقيس بعض الأشياء الموجودة، وأن يجعلوهم يسترخون، بحيث لا يحسون أن الموضوع كارثي، وأن هذا نهاية الكون، وأن يساعدوهم على الاسترخاء، وعدم الخوف. وأشار الحريري إلى أن كثيراً من الناس يمرون بمرحلة الإجهاد والقلق أثناء الامتحان، ويتذكرون المعلومات بعد الاختبارات، لأنه يكون في حالة استرخاء، وهذا يعني أنها موجودة في ذاكرته، ولذلك يجب التقليل من الخوف والقلق والإجهاد بصفة عامة، والتقليل من شرب المنبهات، كونها تزيد من مستوى القلق، حتى لو كان الطالب يتوقع أنه مستيقظ، فالمفترض به ألا يضغط على جسمه ليكون مستيقظاً، وعليه أن ينام بشكل جيد، ويأكل جيداً، ويستبدل المنبهات بالأعشاب التي تساعد على الاسترخاء والتهدئة. وقدم الحريري بعض الإرشادات للطلاب والطالبات خلال فترة الاختبارات، وهي: توعية الطلاب بأن الاختبارات وسيلة تقويم لعمل طوال سنة كاملة، وليس غاية أو هدفاً في حد ذاته، ومنها تنمية الدافعية للتعلم، وتنمية مهارات الاستذكار الجيد، وطريقة اجتياز الاختبارات، والتنظيم السليم للوقت، وتعريض الطلاب لمواقف الاختبار بصورة تدريجية حتى يضعف القلق، وأن تكون أسئلة الأساتذة مراعية جميع مستويات الطلاب، وأن تبدأ بالسؤال السهل، ثم الصعب، ثم الأصعب، والابتعاد عن المنبهات، وأهمية حصول الجسم على الراحة ليلة الاختبار، وعدم التفكير فيما فات منه، وعرض نموذج أمام الطلاب ترى فيه كيف تتصرف في مواقف الاختبار.