إحساسك بالحب الصادق الذي لا ينتظر منك موقفاً أو مُقابلاً هو الذي يجعلك تبكي، وتعبر عن مشاعرك بدموع الفرح لأن ثمة من ينتظرك على الموعد، ويأخذك بالأحضان، ويهبك ما تشاء من العطر والضحكات، والتفاعل المستحق، وهؤلاء هم حلاوة الأرض وشبانها الذين لا يختبرون بوصلة النمطية كي يستبينوا الهبوب قبل أن يصادفوك؛ لقد أرادوك وحسب.. حينما تقدم مهجتك كتابة وفكرة لعشر سنين، وتغني لوطنك المأمول بمنتهى الشغف؛ فتأكد أن ثمة من يقدر هذا الحب والبهاء ونبل المساعي، ويضعك في منزلك العالي الذي تستحقه، ولذلك لا تظن أن خربشات الصلف والجحود وقلة الوعي على ناصية الشارع المقابل لبيتك نهاية القصة؛ بل هي مطبات الطريق الأبدية التي يمر عليها المسافرون دائماً إلى غابات النور والبرتقال. النهمون للحياة الذين يقرأونك في كل صباح هم امتداد لسيرتك الرشيقة على السطر، ولن تجدهم في صالات السفر ولا المهرجانات، ولا في فنادق «5 النجوم»؛ بل ستراهم في الأمكنة التي تتنفس زبد السيل، وتشد خصورها بلحاف الجد، وتُسمعك نشيد أقدامها على كل أرض سمراء تُحسن القراءة وتعيد نقشها على ردوم أخشاب السدر. لا تحزن صديقي النبيل؛ فثمة شباب ورواة منصفون يسمعون جرس الكلمة ويميزون جودتها ومن ثم يُعيدون غناءها في حقول الذُرة، وخلف المكاتب التي لما تزل قلوب أصحابها مخضرة وراقصة كالسنابل، وحتى لو لم تعرفهم من قبل فإن تداني السحاب كفيل بهطول المطر. قارئ الحضارة والتحضر قد يُصادفك في أي مكان، وفي الغالب هو لا يرتدي بشتاً فاخراً ولا تفوح منه رائحة العود كي يحتسب في ما ورائيات النص المتخيل؛ بل له ثوب أبيض يشبه قلبه، ونسائم ريحان تستصرخ ما تبقى في حقول النعناع من براءة، وله عقل كسنبلة تحتضن مائة ألف فكرة جادة لم تغيرها اهتزازات البوصلة ولا اتجاهات الرياح. لا تظنوا أنني أكتب فقط عن الزميل والأستاذ القدوة علي الموسى، ولا عن الكاتب الذي يُطل عليكم في كل صباح بجنون المبدعين؛ أنا أكتب عن مشاعر الأرض الخصبة التي زاد إدمانها له في ليلة، وعن شباب مجلس ألمع الثقافي الذين رقصوا معه على سحابة حب في بضع ساعات لا تنسى.. ولن تُنسى.