كنت أقرأ كلمة العشماوي وهي لقب عائلي في مصر ولم أكن أدرك معناها؟ ثم عرفت أن العشماوي هو (الشنَّاق) أي الجلاد الذي ينفذ حكم الشنق، وذكرت صحفية مصرية تتبعت هذا الموضوع بكتاب أن تنفيذ حكم الإعدام يأتي بغتة، كما يفاجئ الموت أحدنا فجأة بدون مقدمات، ومن يقول إنه بطل ولا يخاف الموت فلا تصدقه! فكل نفس عنه تحيد. حتى تجيء سكرة الموت بالحق. والصحفية التي قابلت العشماوي كتبت لحظات الموت الأخيرة عند كثير من المشنوقين. ويروى عن الروائي الروسي (دستوفسكي) أنه واجه هذه اللحظة هو ورفاقه الثوريون، وسربلت وجوههم بأقنعة الموت، ثم جاء رسول القيصر بإيقاف التنفيذ وكانت خدعة، ولكنهم دخلوا عالم البرزخ نفسياً، فزاروا الآخرة ثم خرجوا منها بدون إقامة دائمة. تقول الصحفية أنه تحديدا في الليلة التي يأتي الأمر السري بشنقهم تقوم مصلحة السجن بتدليلهم وتقديم وجبة فاخرة لهم مثل تسمين الخروف قبل الذبح، وهكذا فيدخل في روعهم أن أمر الإفراج عنهم قد اقترب مع السجاير التي ينفحون بها، وإلا فما معنى هذه الحفاوة إن لم يكن الإفراج قريباً؟ وفي القرآن إن العذاب حينما ينزل بقوم فلا يتضرعون «فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون». قالت الصحفية إنهم مع هذه الرعاية المكثفة لا يتفطنون أنها مظاهر القيامة، حتى إذا كان السحر جاءهم العذاب كما حصل مع قوم لوط، «إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب»؟ يقرع الباب على أحدهم مع خيوط الليل الأخيرة السوداء فيطلب منهم الاستعداد للموت فقد اقترب الأجل بحبل مجدول بعناية. قالت الصحفية إن الرعب الذي كان يسيطر عليهم كان هائلاً. وبعضهم صرخ مثل الأطفال وبدأ ينادي أمه، وبعضهم ولول مثل أضعف النساء قلباً. وهناك من كان قد قتل أمه من أجل المال فأغشي عليه؛ فسيق لحبل المشنقة شحطاً جثة مدلاة قبل الموت. مغشياً عليه بين الموت والحياة. إلا أنها ذكرت مع ذلك حوادث نادرة من الشجاعة فهناك من استقبل الموت بابتسامة ساخرة، وهناك واحد استقبل الموت بهدوء بالغ وقال لهم إنها ميتتي، ثم شرب سيجارته ودخن، ثم التفت لمن حوله قائلاً إنكم أخوف مني ولماذا أنتم خائفون فكلنا ميت على شكل ووقت، وتقدم فوضع حبل المشنقة في عنقه ورفض تغطية وجهه. وحبل المشنقة يتأكد منه العشماوي كل مرة، ويستعمل مرة واحدة فلا يكرر حتى يضمن الشنق المريح بدون مشكلات، ومن أعجب ما قرأنا في الطب الشرعي أن الشنق يعمل لذة جنسية، وهناك من يجرب ذلك فيتدلى من سريره بأنشوطة مربوطة إلى عنقه، وعالم الجنس غريب وحافل بالعجائب، ليس أقلها المازوخية والسادية والفتشية والاستعراضية أو الشنق إن صح؟