التلوث الفكري هو أخطر أنواع التلوث، ومن شدة خطورته ألا أعراض له، بينما إن بدأ فسينتشر وينمو بسلاسة وخطوات متقاربة تجعلك تكاد تدرك الفرق بين اليوم والأمس. هو التلوث الذي نرى آثاره حولنا في المجتمع من دون أن ندرك ذلك، فكل ما نستنكره هو من أحد مظاهر ذلك التلوث الخطير. هو التلوث المسؤول عن موت العادات والتقاليد وضعف الوازع الديني وعدم احترام القوانين المكتوبة والمتعارف عليها، وهو كذلك المسؤول عن كل الأمور والصفات السلبية، وخطورته تكمن في أنه سيأخذ كل من يعايشه في احتباسه الحراري والمؤدي للانفجار أو التهلكة. لا يدفعنا لتلويث ما حولنا سوى شهواتنا ورغباتنا فمتى ما استطعنا التحكم بها سنقلل من آثار التلوث كما هو الحال مع التلوث البيئي، فالفكر الملوث يحتاج لإعادة تأهيل لكون تأهيله الأساسي ودينه السماوي يحولان دون تلويثه. ربما يصر على حالته وينغمس في عقليته الملوثة ويشبعها ويقنع من حوله بأن عقليته هو، هي الصحيحة وعقليتهم هي «متخلفة»، لكنه يدرك في قرارة نفسه أن عقليتهم هي التي تزن الأمور وتتدبر وتتفكر قبل أن تتعثر، فهذا الفكر متعثر ولو كان على المدى البعيد. هناك صور كثيرة لتلوث الفكر في مجتمعنا فمثلاً في الأعراف عند حديث الأشخاص لابد من الإنصات لهم بكل حواسنا، وأهم وسيلة للإنصات هي النظر للمتحدث وإن كان بأقل تقدير من باب الاحترام، بينما في هذه الأيام هناك من يسمع بينما لا تكاد أعينهم تفارق شاشات أجهزتهم المحمولة. وأخطر مثال هو التقليد الأعمى للغرب متمثلاً بما نراه في أفلام «هوليوود» لكي تصبح عاداتهم اللا أخلاقية واللا اجتماعية هي عاداتنا بينما في الأساس هي تخالف الدين الإسلامي الحنيف. لابد لنا من مكافحة تلوث الفكر، فالفكر هو من يقود الناس ويميزهم وهو من يصنع أخلاقهم، وعندها سنستوعب مكارم الأخلاق التي إنما أُرسل ليتممها محمد عليه الصلاة والسلام.