أشعر الآن بمن حدَّق عينه ب: «عنوان المقالة»، ولم يجد بُدَّاً من أن يلفَّ طرف غترته على أنفه الكبير؛ يتقي بذلك: «غباراً» أثاره نقعُ سؤالِ: «المقالة» الملغوم!! وبما أنَّنا استهلاكيُّون -وبامتياز- فليس من شأننا هذه المرَّة -كما في كلِّ مرَّةٍ- غير أن نستقبل: «العولمة» بكلِّ أوضارها، فيما نحتضن شقيقاتها الأخريات ممن لَحقنها تِباعاً واحدةً إثر أخرى.. ثم لا نلبث أن نعلن: «خصومتنا» لكلِّ وافدٍ، بينما نحن: «مادَّته» وخام: «ميكانيزم» حِراكه! آهٍ.. كم هو مُمِضٌّ وجع هذا: «التاريخ» الذي أوحى إلينا بخيله ورَجله أنَّنا: (صوت)، وما إنْ أفقنا على حمحمةِ صهيل: «الجغرافيا» حتى وجدنا: «أنفسنا» محض: (صدى) وأكذوبة شعريَّة.. ليس لنا أيُّ موقع من: «إعراب» قواعد لعبة الأمم… غير أنَّهم لمَّا أن اضطروا إلى مَنْحنا مفحص قطاةٍ في الهامش العالمي نعتونا ب : «شبه جملة»! عامَلَ الله الكذَّاب الأشر: «المتنبي» بما يستحق؛ إذ هو من نفخ فينا روح: «البو» وطفقنا تالياً نردد تغريدته: فدع كل صوت غير صوتي فإنني أنا الطائر المحكي والآخر صدى وبأيِّ حالٍ.. فإنَّ ثمَّة تبايناً في حقيقة استقبالنا ل: «العولمة»، بيد أنَّ النتيجة كانت واحدة؛ بحيث كان من شأنها أن قسَّمتنا طرائق قدِدَاً، فمِنَّا الشاتم السابق باللعنات ذلك الذي لا يجيد من بعد سرقة: «إبله» إلا أن يوسع الآخرين سبَّاً وشتيمة، ومِنَّا المُستنسِخ المقتصد بأنصاف الحلول من المعدودين في هواة هزِّ الوسط: «المعرفي»!، وثالثنا الظالم لنفسه بذوبانٍ ليس له في وعيه أيُّ اعتبارٍ لانتماءٍ ولا لهويَّة. يا قوم.. أليس فيكم رجل رشيد ينبئنا عن: «العولمة» وعلى أيِّ رصيفٍ قد أناخت كلكلها في آخر مطافها؟!. أين أولئك الذين رفعوا أصواتهم -ضحًى وفي منعرج اللوى- ووصموا: «العولمة» حينذاك بوصفها: (ظاهرة تاريخيَّة ) ومن غير المجدي إذ ذاك أن نتصدى لها؛ في حين يجب -وفق رؤيتهم- أن نتعرَّف على السُّبل التي تنتهي بنا إلى الانخراط فيها؟!. وإلى التَّو.. ونحن نعلن جهلنا الذي لم نكن ندري -من خلاله- إلى أين أخذتنا هالتها تلك التي طفقت تدفعنا -عنوةً- باتجاه العتمة، وكدنا أثناءها أن نضل السبيل في نفق الحيرة.. ذلك أنْ كم فينا من قائلٍ عنها: إن هي إلا حقبة التحول الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء في ظل هيمنة دول المركز وقيادتها و.. و.. وثانٍ لم يشك مطلقاً في أنَّ: «العولمة» ظاهرة غير مكتملة الملامح والقسمات ثم راح يدعو نادِيَه قائلاً: إنها -منافَقَةٌ- بحيث ظلَّت في عمليَّة سافرةٍ تكشف كل يوم عن وجهٍ جديد من وجوهها المتعددة و.. و وثالثٍ كان كَلِفاً بتصريفها عسى أن يجد حلّاً إلى قولبة الصفة المصدرية من خلال الوزن الصرفي: «فوعل» الذي يحمل معنى الإجبار والإكراه. ورابعٍ لم يكن بالذي يقوى: «عقله» على استيعابها فما كان منه إلا أن أقسم الأيمان المغلَّظة بأنها: ظاهرة تاريخية فوق إرادة البشر مهما كان ربطها بحبال السوق العالمية وبالتالي توثيق الثقافة بحبل السوق المتين؛ أي بالقدرة على الترويج وهذا من العسر تحققه ما لم يكن في الأمر هاجس: «الدجَّال»! وخامسٍ وهو ممِّن يعشقون: «السرير» وكثيراً ما كان عابراً سبيله.. وهو الذي لم يكن يبصر في: «العولمة» غير أنها: لحظة -ستعمر الكون كله- بالمتع المادية المتحرِّرة من كلِّ القيم. وسادس.. وسابع.. وثامن. أما زلتم تتذكرون.. كما أتذكَّر جيداً: كيف جعلنا منها ضرباً من: «أساطير» الغرب الذي ما فتئ يخترقنا من قبلُ ومن بعدُ، فيما نحن نحترق بفعل كبريت: «نفطنا».. وكلما نضجت جلودنا صنع: «الغرب» لنا جلوداً أخرى، غيرها. وبأخصر عبارة: فلقد كان الغربُ -يا سادة- هو مَن يفصِّل حسب المقاسات التي يشاؤها لنا، وليس علينا يوم ذاك سوى أن نلبس «ونعض على شحمة»!.. حتى الكفن -المنقَّع بالحنوط- هو الآخر قد صُنع على أعينهم.. لأنهم يودُّون أن نموت وفق الطريقة التي يختارونها لنا.. -أيُّها العروبي، حتى الموت بِتَّ لا تحسنه فاستعنت بالأجنبي/الكافر.!! ولئن سألك المتحذلقون يوماً مِن الذين يشتغلون على نبرة: «الشعارات» ولا يتجاوزونها.. لئن سألوك: (كيف نبدأ)؟! فيمكنك أن تدلع لهم لسانك متهكماً: نحن في الأصل لم نعرف كيف انتهينا وإلى أي خط تعثَّرت فيه أقدامنا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.. كلُّ ما فينا إمَّا متهتكٌ أو مستعارُ.. بينما الحل -قال أحد الشرفاء-: يكمن في: «إصلاحٍ جذريٍّ» أليس كذلك؟! أم أنَّ ثمة من يجادل في ذلك؟! بوسعنا إذن أن نستوعب صورة: «إنسانٍ» عربيٍّ/ مسلم بما يتلاءم وعقله -المعطوب- جراء غفلة: «الصالحين» تلك التي تُبقيه: «درويشاً» في عصر الإنترنت؛ إذ لا يبرح مكانه الذي اختاره له: «السياسي» ابتغاء أن يمكث فيه حتى يلقى الله تعالى يهب: «المريدين» تغريداته في: «تويتر» على إيقاع أناشيد: «طيور الجنة»!. يبدو أنِّي شطحت كثيراً.. دعوني أعود لما ابتدأت به.. لأُدوِّن الآتي: لن يزول عنَّا -ما نحن عليه- إلا في حال أزلناه عن أنفسنا وبأيدينا المتوضئة (منطق قرآنيٌّ): «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم». علمتنا: «العولمة» من حيث لم ترد أن تعلمنا؛ أنَّ الشجرة الملعونة في العالم هي نبتة: «الاستبداد» وهي التي فوتت على: «إنساننا» حريَّته فأصبح منقوص الأهلية.. جامداً كالحجارة أو أشد قسوة. *من عجز عن الثأر لا ريب أنه من أتعس التعساء.. لكني -فقهت عن العولمة- أن الثأر يجب أن يكون من نفسك التي بين جوانحك؛ ذلك أنها هي مَن أركستك في فتنة القول وظللت بين أزقتها تمارس الإقصاء: (شارع شارع.. زنقة زنقة.. بيت بيت) إذ لم يبقَ إلا أنتَ و: «إبليس» على قيد الحياة!! «من العار على إنسان أن يرغب في العيش المديد إن كان لا يقوم إلا بالمرور من شقاء إلى آخر» قد قالها في الأولين الحكيم: (سوفقليس). وأظنها صالحة إلى أن نعود بها إلى حاضرنا. الذي أتوجه إليه بمقالتي هو: ذلك الفرد الذي يتوافر على الحد الأدنى من الحرية، فاعلم – رحمني الله وإياك- أنَّ عوائق التفكير الحر تبدأ منك، كما أنها تنتهي بك إن أردت. وحاشاك أن تشتغل على تأميم الأسئلة، واسعَ جهدك إلى تأمين شروط التفكير الحر وشروط التعبير عنه أثناء إجابتك. العولمة هي اتجاهٌ سينقلنا -بحسب الغربي- إلى مرحلة الفناء الحضاري غير أنَّ هذا يتوقف على مدى رضانا.