يتنطّع بعض المثقفين – أو بالأصح المتثيقفين- عندما يتعالون على اهتمامات الناس، ومنها على سبيل المثال كرة القدم، قرأت لكاتب من هذه العينة احتقاره كل من يهتم بالكرة، وبعضهم حين يُسأل عن فريق أو أسماء للاعبين مشهورين يتصنّع عدم المعرفة ويدعي أنه قليل أو عديم المتابعة لها بحجة أن اهتماماته ومشاغله أكبر. الأديب أو المثقف الحقيقي هو الذي يتفاعل مع مجتمعه، ويستنبط من اهتماماتهم مادة ملهمة لنتاجه ودراساته. الروائي الأوروغواني الشهير إدوارد غاليانو ألّف كتاباً كاملاً عنوانه «كرة القدم بين الشمس والظل»؛ تحدث فيه عن هذه الرياضة وعناصرها بأسلوب أدبي بديع، وفي بريطانيا ظهرت روايات محورها كرة القدم؛ منها مثلا: المباراة لألان سويليت. كما أنّ ألبير كامو الروائي الفرنسي كان حارس مرمى، ونجيب محفوظ كان -حسب قوله- أشهر لاعب في حي العباسية. وعرف عن الشاعر الفلسطيني محمود دوريش حبه لكرة القدم وكان يصفها بأشرف الحروب، وجمع الكاتب المصري أشرف عبدالباقي حكايات أدباء مشهورين مع هذه الرياضة في كتاب أسماه «المثقفون وكرة القدم». على عكس هؤلاء الأعلام في الأدب يأتي من يطل على الناس من برج عاجي ظانّاً أن الثقافة تقوقع وتعال، الثقافة الحقيقية هي أسلوب حياة، وفي كرة القدم يشجّع المثقف برقي ويشجّع الجاهل بتعصب وعنصرية.