وافق مجلس الوزراء أمس في جلسته أمس برئاسة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بقصر اليمامة بالرياض، على نظام جرائم الإرهاب وتمويله، بالصيغة المرفقة بالقرار بعد الاطلاع على المعاملة المرفوعة من وزارة الداخلية المتعلقة بالمشروع، وبعد النظر في قرار مجلس الشورى. ويستمر العمل بالأحكام- المشار إليها في البند (ثانياً) من المرسوم الملكي رقم (م/31) وتاريخ 11/5/1433ه – المتعلقة بالعقوبات ذات الصلة بجرائم تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية، المنصوص عليها في نظام مكافحة غسل الأموال، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/39) وتاريخ 25/6/1424ه، وذلك إلى حين صدور الأحكام المتعلقة بتلك العقوبات والعمل بموجبها. إلى ذلك نوه المجلس بالقرارات التي اشتمل عليها البيان الختامي للدورة الرابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، وإعلان الكويت، التي جاءت ترجمة للجهود المبذولة لتعزيز مسيرة التعاون المشترك. وعبر ولي العهد، باسم خادم الحرمين الشريفين،عن بالغ التقدير لإخوانه قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على ما بذلوه من جهود في أعمال الدورة التي اختتمت في الكويت، واتسمت بالحرص على تعزيز وتفعيل مسيرة عمل المجلس، معبراً عن بالغ التقدير لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على ما بذله من جهود لإنجاح أعمال القمة. وأوضح وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، عقب الجلسة، أن المجلس رحب بالقرارات الصادرة عن اجتماعات المجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي في دورته الأربعين في غينيا، مشدداً على ما عبرت عنه المملكة في كلمتها خلال الاجتماعات تجاه عدد من التحديات والتطورات التي تتعرض لها شعوب الأمة الإسلامية، خاصة ما تتعرض له مدينة القدس من انتهاكات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمخطط الصهيوني الهادف إلى تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانياً ومكانياً، مؤكداً أهمية الوقوف الجاد والحازم أمام هذه الانتهاكات لإنقاذ المسجد الأقصى من مخاطر التهويد. واطلع المجلس على تقرير عن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المخصص لبحث المفاوضات بين الحكومات بشأن إصلاح مجلس الأمن، مجدداً تأكيد المملكة التزامها بالعمل مع الأممالمتحدة والدول الأعضاء بصورة شاملة وعادلة وشفافة من أجل التحرك إلى الأمام في عملية إصلاح المجلس، انطلاقاً من اهتمامها التاريخي بقضايا الأمتين العربية والإسلامية، وتمسكها الثابت بالشرعية الدولية، ورغبتها الصادقة في تفعيل دور مجلس الأمن وأجهزة الأممالمتحدة ومؤسساتها المختلفة ، تماشياً مع الدعوات العالمية بهذا الشأن لجعل العالم أكثر تعاوناً وأمناً واستقراراً. بعد ذلك اطلع المجلس على عدد من التقارير في الشأن المحلي، مقدراً التوصيات الصادرة عن المؤتمر العالمي للحوار والدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ونوه بمنتدى الرياض الاقتصادي في دورته السادسة. أولا: الموافقة على مذكرة تعاون بين دارة الملك عبدالعزيز والمديرية العامة للأرشيف الوطني في الجزائر، الموقع عليها في مدينة الجزائر بتاريخ 21/1/1434ه ثانيا: الموافقة على نظام جرائم الإرهاب وتمويله، بالصيغة المرفقة بالقرار. ثالثا: الموافقة على استمرار تحمل الدولة (50%) من رسوم جوازات السفر ورخص السير ونقل الملكية وتجديد رخصة الإقامة للعمالة المنزلية، وذلك لمدة ثلاث سنوات أخرى ابتداءً من 1/2/1435ه. رابعاً : الموافقة على استمرار تحمّل الدولة الفرق بين فئة الرسم المطبق بموجب التعريفة الجمركية الموحدة لدول مجلس التعاون وفئة رسم الحماية المطبق حالياً في المملكة، بحيث يكون الرسم الجمركي للسلع الموضحة في القرار (193 سلعة) – مماثلاً لرسم التعريفة الجمركية الموحدة لدول مجلس التعاون، لمدة ثلاث سنوات ابتداءً من 24/3/1435ه . خامسا: الموافقة على تطبيق قرار المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته (الثالثة والثلاثين) التي عقدت في البحرين يومي 11و12/2/1434ه ، في شأن الموافقة على النظام (القانون) الموحد لمحاكم الأسرة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بوصفه نظاماً (قانوناً) استرشادياً لمدة أربع سنوات. سادساً : تفويض وزير الصحة أو من ينيبه بالتباحث مع الجانب الفرنسي في شأن مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الصحية بين وزارة الصحة السعودية ووزارة الشؤون الاجتماعية والصحة الفرنسية، والتوقيع عليها. سابعاً : الموافقة على قانون (نظام) المستحضرات البيطرية بدول مجلس التعاون، الذي اعتمده المجلس الأعلى للمجلس في دورته (الثانية والثلاثين) التي عقدت في الرياض يومي 24و25/1/1433ه. اتفق عدد من المختصين أن نظام جرائم الإرهاب وتمويلها الذي وافق عليه مجلس الوزراء أمس يأتي في إطار استكمال الأنظمة في المملكة، مشيرين ل «الشرق» أن أحكام النظام جاءت عامة لحماية أسس الدولة وحفز أمن الوطن واستقراره وتسهيل وتفعيل دور رجال الأمن في مسرح العمليات الميدانية. وقال المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز الزامل إن الأنظمة الجنائية التي تحكم الجرائم تنقسم إلى قسمين: أنظمة موضوعية، وأنظمة إجرائية، ومن سمات الموضوعية أنها تتضمن نصوصاً للتجريم ونصوص الأنظمة للعقوبة اتفاقا مع قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. أما الأنظمة الإجرائية فتتضمن أبواباً من المواد النظامية تتعلق بطريقة كشف الجريمة والاستدلال عليها والتحقيق فيها حتى التوصل إلى قناعة المدعي العام لإقامة الدعوى العامة أو حفظها، ثم النص على المحكمة المختصة، ثم طريقة نظر القضية وإحضار الشهود وأوامر القبض والإفراج التي أجرتها جهات التحقيق في المرحلة السابقة -أي المحاكمة-، بالإضافة إلى طرق الاعتراض على الحكم الجنائي، وهذه كلها متضمنة في الأنظمة الإجرائية الجزائية وفيما يتعلق بنظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله. وأشار إلى أن النظام الذي وافق عليه مجلس الوزراء يعد نظاماً إجرائياً أخذ فيه بمبدأ التوازن بين الأخطار التي تؤول إليها تلك الجرائم، وبين حماية حقوق الإنسان التي حفظتها وأكدت عليها الشريعة الإسلامية، من خلال ضبط جرائم الإرهاب والاختصاص في الإيداع بالتوقيف ومدده وتحديد المحكمة المختصة وأوجه الاعتراض على الأحكام وطرق النقض، لافتا إلى أن النظام لم يتضمن أحكاما وأوصافا جرمية، وذلك باعتبار أن جرائم الإرهاب منصوص على تحريمها في الشريعة الإسلامية، وبالتالي فليس هناك فراغ تشريعي في مسألة تجريم الإرهاب، إنما فقط يطبق القاضي قواعد الشريعة في التعزير. من جانبه ذكر القاضي السابق طالب آل طالب أن الأنظمة الجزائية قسمان؛ عقابية وإجرائية؛ حيث إن العقابية مثل نظام مكافحة المخدرات والرشوة والتزوير، أما الإجرائية فهي مثل نظام الإجراءات الجزائية، وقد جاء هذا النظام إجرائيا؛ بمعنى أنه يرتب للإجراءات المتعلقة بطريقة القبض والتحقيق والتقاضي أكثر مما ينص على عقوباتٍ مقننة للمخالف. ولفت إلى أن النظام حدد بشكل دقيق الأوصاف الجرمية للجريمة الإرهابية، وجاءت كلها عامة في حماية أسس الدولة، ولا يستطيع أحد أن يختطفها لصالح عداواته الشخصية، ونصت على حماية النظام الأساسي للحكم ومواده وحماية الوحدة الوطنية؛ إذ إن المنظم لوزير الداخلية أن يعفو عن المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة أو عن الموقوف حتى قبل محاكمته، وهي نقطة تسجل لصالح حرص الدولة على العفو متى ما ظهرت التوبة. ولفت إلى أن المنظم رغّب في الحث على حفظ حق من سلم نفسه ابتداء وأعان على كشف من سولت له نفسه الإساءة.. وهو ملحظ جميل في النظام ودعوة لرجوع الضال وأوبة الخارج، على أن الحقوق الخاصة لا تسقط إلا وفق إجراءاتها المتبعة. أما رئيس لجنة الشؤون الأمنية في مجلس الشورى اللواء محمد أبو ساق فأشار إلى أن نظام جرائم الإرهاب جاء تحقيقا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين ورؤيته الصائبة لاستكمال الأنظمة السعودية وجعلها مواكبة للمتغيرات والتحديات. وأفاد أن النظام يعرف الإرهاب تعريفا دقيقا بحيث يمكِّن أجهزة الدولة الأمنية والقضائية والمواطن على حد سواء من التفريق بين جرائم الأمن العام وبين ما يدخل تحت نطاق جرائم الإرهاب. مؤكداً أنه سن لخدمة المجتمع وكفالة حقوقه؛ وحفز أمن الوطن واستقراره وتسهيل وتفعيل دور رجال الأمن في مسرح العمليات الميدانية. وقال أبو ساق إن نظام جرائم الإرهاب هو تتويج لتجربة المملكة في مكافحة الإرهاب. وأكد أن النظام كذلك يستند لنظام الدولة والتجارب المهنية السعودية الواقعية بما يتفق مع كافة القوانين والأعراف الدولية. من جهته، أكد القاضي السابق في ديوان المظالم المحامي محمد الجذلاني ل «الشرق» أن نظام جرائم الإرهاب وتمويله الذي أجازه مجلس الوزراء في جلسته أمس، كان مطلبا سابقا للكثيرين، خصوصا فيما يخص التحريض، مفنداً تخوف البعض من أن تكون هناك جهات تحدد من هو المحرض تنسب التحريض لأي شخص، مبينا أن الذي يفصل ويحدد والمرجع الوحيد هو القضاء وليست الجهة التنفيذية أو السلطات الأمنية، فالقضاء محاط بالضمانات القضائية الكافية من اعتراض واستئناف. وعن استعداد المحاكم لتطبيق هذا النظام أوضح أن المحاكم من قبل صدور القرار وهي تنظر في قضايا الإرهاب الجرمية، مؤكداً قدرتها على استيعاب النظام وتطبيقه. من جانبه، شدد المحلل السياسي حمود العتيبي على أهمية سن النظام وإعلانه في التنظيم القانوني لمكافحة الإرهاب حتى تستطيع الدولة بموجبه معاقبة الأفراد أو المجموعات على الفعل أو حتى على التحريض كما أوضح النظام. مبيناً أن المملكة تعرضت لموجة إرهاب كانت تستوجب صدور مثل هذه الأنظمة من قبل. وذكر أن أهم ما يميز النظام هو القضاء على المحرضين؛ ففي السابق كان الأمن يطارد المنفذين بينما ينجو المحرضون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة رغم أنهم الفئة الأخطر على المجتمع.