يُعرف التشكيلي الجزائري طاهر ومان، بإتقانه للوحة الإسلامية إن صح التعبير، فكانت أعماله مميزة وصنعت الاستثناء، مشواره الطويل الذي يمتد إلى فترة السبعينات من القرن الماضي، مع الفراديس القرآنية التي كان يقرأها في مدينة بسكرة -جنوبالجزائر- التي رسمها في لوحات فنية مبهرة بين فن الخط العربي والفن التشكيلي. شخصية خجولة في الحديث عن نفسه، وربما يفضل أن يبدأ الحكاية عندما اكتشف الفن من خلال «الزرابي» وأن اللوحة لديه هي تلك الزخرفة داخل اللوحة التي نكتب عليها الآيات للحفظ ويوضع لها إطار ملون، مزخرف ومن هنا كانت البداية مع اللوحة، ليقول: «كنت ولعاً بالفن وقد فاض هذا العشق للجمال في بدايته مع الفراديس القرآنية حيث كنت أقرأ في الكتاب، وكانت تنظم حفلات ختم القرآن الكريم سواء بالجزء أو الحزب، وكانت العائلات تكرم معلم القرآن وتقيم وليمة بمناسبة حفظ ابنها حزباً أو جزءاً منه، وكان دليل الختم هو زخرفة اللوحة التي نكتب عليها الآيات للحفظ حيث نضع لها إطاراً ملوناً مزخرفاً ومن هنا كانت البداية مع اللوحة». وبعدها كانت الانطلاقة بعدما عبرت موهبته، منطقة بسكرة، حيث درس الفن التشكيلي في العاصمة الجزائر، وبعدها بدأ العمل عصامياً بحثاً عن اللوحة الأكثر تناسباً لشخصيته الهادئة، وبما أنه سليل عائلة فنية، فجل عائلته لها باع في الفن، له قريب فؤاد ومان احترف غناء الطرب وقريب آخر توفيق ومان له باع أيضا في الشعر الشعبي، «في مدينة تبسة -جنوب شرق الجزائر- كانت تعج بالمستشرقين الفنانين أمثال الرسام ألبا والرسامة كلارا شريدان الفنانة التقدمية التي كانت في بسكرة ولا يزال بيتها لدى عائلتنا»، حتى نضجت موهبته، وأضحى الآن من كبار الفنانين في الجزائر وخارجها، ونقل التراث العربي الإسلامي إلى تلك المعارض التي يقول عنها: «فخور كثيرا بالتراث العربي الإسلامي، بدأت أستخدم الحرف العربي والزخرف الإسلامي، كانت لي رحلات في بطون الكتب والمتاحف للغوص في هذا التراث الثري بالجمال، الذي بقي كثير منه مطمورا مغمورا، فتعرفت على مواده والكتب المتخصصة، أشتغل بعدها على مادة البرونز لأنها مادة مقاومة، كما بدأت أوظف رموز المقاومة كالسلاح، لأن الزخارف كانت موجودة على السيوف والبنادق والخناجر». له عدة مشاركات في معارض فنية، وكان آخر مشاركة في المعرض الدولي للفن الإسلامي المعاصر الذي أقيم مؤخراً في المدينةالمنورة، وفازت لوحته «وصية المشاعر» بإحدى جوائز المعرض، حيث تسلم محمد الخطابي الجائزة بدلا عنه وذكر الخطابي: «تشرفت باستلام الدرع وشهادة الشكر والتقدير عن زميلي الفنان الجزائري الطاهر ومان من قبل وكيل الوزارة للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان». وفي المقابل تحدثت «الشرق» مع طاهر ومان، عن هذا الفن في السعودية، خصوصاً وأنه يمتلك صداقات كثيرة مع عدة فنانين من منطقة الخليج بحكم مشاركاته في معارض بالكويت والإمارات وكذلك المملكة أيضاً، وقال: «التجربة التشكيلية السعودية عريقة ومتينة، تعرفت عليها سنة 1975 بمناسبة انعقاد مؤتمر الفنانين التشكيليين العرب بالجزائر، لها مجموعة معتبرة من التشكيليين العرب من بينهم المرحوم محمد السليم الذي بقيت على تواصل معه حتى سنة 1993 وأحتفظ برسالة مؤثرة جدا كتبها لي قبل وفاته في إيطاليا، كذلك الرسام عبدالجبار اليحيا الذي لا يزال على قيد الحياة وآخر زيارة له كانت في الرياض سنة 2008. ويعتبر ومان هذين الفنانين من أعلام الحركة التشكيلية في السعودية، واليوم هناك كثير من المبدعين المرموقين والأقوياء في التقنية وروح الإلهام، وتمتاز الحركة السعودية الشابة بتوفيق تكتسيه الثقة في الأداء والمتانة والموازاة للغة العصر العالمية في هندسة اللوحة والتمكن في عرض الملمس الناضج، حتى لدى المبتدئين منهم، وهي ظاهرة مدهشة في السعودية وقد أسست نهضة نوعية في هذا المجال بفضل مبادرات المراسم والورش الجماعية، لكنها تظل غائبة عن الخارج كما يقول «ومان»، مضيفاً لا بد من فتح أبواب الضيافة لغير السعوديين قصد إثراء التجربة المحلية وخاصة القراءات النقدية، كما أن المهارة السعودية بحاجة إلى العرض المنظم عبر العالم ومتابعتها وترتيبها بجدية، فلا بد من لقاءات على غرار التجربة الإماراتية، رغم أن الحركة السعودية عريقة ومؤصلة أكثر من المسيرة الإماراتية، فالمحيط الاجتماعي والمعايشة معكوسان في العمل التشكيلي السعودي الحديث ومعظم معالم هذه الحركة هم شباب متمكنون، لا أذكر الأسماء، فهم كثيرون ومحترفون رغم المسيرة. وحول التشكيليات السعوديات يضيف «ومان» إن حضور المرأة السعودية على مستوى الفن التشكيلي معتبر ومشرف في الساحة الدولية رغم نقص الدعم من الجهات الرسمية، «كما يقوون دائماً».