حين يعين شخص ما في منصب فإن أول عمل ينجزه هو اقتناء بشت أو تجديد ما لديه ليكون ملائماً جمالياً للمنصب الجديد. أما الخطوة الثانية فهي تزويد الصحف بصورته الرسمية المعتمدة كما يحب أن يرى نفسه وتعتمدها الزوجة غالبا. بعض المسؤولين تفترهمتهم بعد هذا الجهد الشاق إن كان في موقع بعيد عن الأضواء، أما الداخلون تحتها فإن تحديثاتهم في شكل البشت وتعدد ألوانه تستمر طوال فترة احتفاظ المنصب بهم. ويمكن رصد المسيرة التطورية للمسؤول الجديد بتبدلات حالة البشت فهناك «سنة أولى بشت» وسنة ثانية تبعاً لتنامي تجربته في عالم البشوت ودخوله نادي لابسيه. كما أن طريقة ارتداء البشت تعبر عن الحالة المزاجية للمسؤول ومدى اطمئنانه للبقاء والرضا عنه. البشت يؤدي إلى حالة انتفاخ تتمدد مع الأيام إلى أن تصبح طاووسية المظهر حين يمشي المسؤول بسرعة تقارب الهرولة فيغدو البشت جناحاً عريضا منتفشا يخلق مسافة عازلة بين جسد المسؤول ومراجعيه فلا يتجرأون سوى على لمس حواف البشت دون المساس بمنطقته الذهبية الموشاة. ولعل أهم جزء في مكتب المسؤول هي «معلاق البشت» فإن كان متزيناً فتلك علامة على وجود صاحب المعالي أو السعادة وإن خلا الكرسي منه. لو كان للبشت جيوب لأمكن دس المعاملات فيها لأنها الطريقة الأكيدة للاطلاع عليها فالثابت أن الأوراق تتراكم على المكتب علامة الانشغال وحجم العمل المهول أما دخولها إلى حرم البشت فيضمن وصولها لأن سعادته يعمل، بلا كلل، على ضمان نظافة البشت وبريق خيوطه استعداداً لأي مناسبة طارئة وربما هداه الله ففتح بعض الأوراق فعالج مافيها خصوصاً أنه قد يكون في لحظة ضعف أو مراجعة لنفسه أو على الأقل معتدل المزاج، وربما ساهمت الزوجة والأولاد في حل مشاكل الناس أثناء إعداد البشت ليوم عمله التالي. من الأفضل تصميم سيارات خاصة للمسؤولين بحيث يكون جانبها بقامة رجل لتعليق البشت حرصاً على عدم تجعده، كما أنها علامة تساعد الآخرين على فتح الطريق له في الزحام فلا تتعطل المصالح ويعرف الناس مقامات كبارهم. إن لم ترتد البشت فأنت من التابعين والمراجعين والمتعلقين بملاحقته. اللهم بشتا.