أحب في محمد الرطيان صفات كثيرة، فكره وقلمه وصدقه وتعاليه على «جدال» ليس فيه سوى «مضيعة للوقت». استيقظت صباح أمس على إطلالته الجميلة مع زميلنا المتميز علي مكي في الشرق. تلك بداية خير في يوم جمعة ارتبط عندي حديثاً بربيع الخير العربي. محمد الرطيان ساهم في كسر احتكار أهل الفن والرياضة والوعظ للنجومية. صار عندنا اليوم الكاتب النجم. ونجومية محمد التي اكتسبها بصدقه وجهده و»عرق جبينه» جاءت في بساطته وفي قربه من الناس وهمومها وتطلعاتها. لا أملّ قراءة سطور محمد. تطربني «قنابله» حينما يواجهنا بحقائق التراجع العربي. والانكسار العربي. كان وما زال نجماً فعليا. تعاتبني رسائل من محبيه لماذا لا أستضيفه في برنامجي. فأوجه له السؤال: يا محمد: وبعدين معاك؟ فيرد عليّ بطيبته وضحكته الشهيرة معترفاً أن سبب التأخير هو خوفه من ركوب الطائرة. الرطيان يمشي – في كتاباته – كثيراً على حافة الهاوية وبين ألغام خطره وما زال محترفاً في رشاقته وهو يراقص المحاذير بين سطوره وفي أعماق كلماته. ومع ذلك تخيفه الطائرة. أم ننتظر – يا محمد – حتى يكتمل مشروع القطار الخليجي؟ الحقيقة أن محمد صنع للكتابة هيبتها عند جيل الشباب تحديداً. وكتاباته، بما فيها من شعر وفلسفة ونقد، دلالة أخرى على أن صاحب الرأي «المستقل» يستطيع سريعاً أن يكسب عقول وقلوب الناس في مجتمعه. فمجتمعاتنا اليوم ملّت مقالات النفاق والتلميع و»غظ الطرف» عن مساوئ الإدارة و تراجع التنمية. كتب محمد الرطيان يوماً: «لا توجد لدينا صحافة حرة، ولكن يوجد لدينا كاتب حر يقاتل ويحاول تمرير ما يمكن تمريره من الحقيقة»! ولم يذكر محمد أن في صحافتنا أيضاً «حرس قديم» عدوهم اللدود كل كاتب مستقل وحر.