قد يكون المرء معاقاً، إعاقة سمعية، أو بصرية، وما شابه ذلك، لكنه على كل الأحوال لن يكون معاقا في إرادته، ولا يمكن أن تكون هذه الإعاقة لتبعده عن دوره في الحياة، وعن طلب سعادته في الحياة الدنيا، فالمعاق يمكن أن يكون فاعلاً ومؤثراً ومنتجاً بصورة طبيعية، ربما فاق تأثير وإنتاج الأفراد غير المعاقين. تلك الحقيقة جسدها الأستاذ عبدالرزاق بن علي التركي، وأثبتها بالوقائع والحوادث اليومية، من خلال تسليط الضوء على تجربته الشخصية في تجاوز الإعاقة البصرية التي طالته بعد سنة ونصف السنة من ولادته.. وتطرق لها في محاضرة حملت عنوان (المجتمع السعيد) في منتدى حوار الحضارات بمحافظة القطيف، برعاية الإعلامي فؤاد بن عبدالواحد نصرالله. وأكد التركي أن السعادة قيمة ينشدها جميع أفراد المجتمع، متطرقا إلى أن السعادة في الأسر تشهد شيئا من التراجع في المجتمع السعودي، بسبب زيادة الطلاق؛ إذ إن المعلومات تقول إن كل 7 زيجات يوجد اثنان منها فاشلتان، وهذا شيء كبير، يعطي مؤشرا لمضمون السعادة في الأسر السعودية، فمن أجل مجتمع سعيد لا بد من تضافر جهود الزوجين للحفاظ على مشروع الزواج، وعلى الأبناء وهم أبرز منتجات الأسر.. وقدّم الأستاذ التركي عينات مقارنة بين الأسر في الزمن الماضي والأسر في الزمن الحاضر؛ حيث إن تضحيات كبيرة يقدمها الآباء والأمهات من أجل الأبناء والبنات. وأضاف أن المعاق لم يخلق لكي يعمل مدرسا فقط، أو موظف سنترال، أو رجل دين فقط، ففي أمريكا مثلا وجدنا مكفوفين يعملون مهندسين كهربائيين، ومهندسي حاسب آلي، وفي بريطانيا فرضت الدولة على الشركات والمؤسسات العامة أيضا أن يكون 5% من الموظفين من المعاقين، بينما عندنا مع الأسف توظيف المعاق يأتي من أجل ترسيخ البطالة المقنعة، فبعض الشركات توظف المعاقين لكي تحتسب نسبة من السعودة المفروضة عليها من قبل الدولة التي أقرت بأن توظيف معاق واحد يعادل توظيف أربعة موظفين سعوديين غير معاقين، ويؤخذ اسم المعاق ويطلب منه البقاء في المنزل. وفي مقارنة بين الفرص المتوافرة للمعاق في زمن سابق، كعناية ورعاية الوالدين قال التركي في الوقت الحاضر باتت الفرص أكثر، لوجود جهات محلية وعالمية تتبنى المعاقين وتسعى لتوفير أجهزة خاصة بهم رغم ارتفاع أسعارها. وأكد على أن الإرادة الإنسانية تستطيع تجاوز عديد من العقبات، موضحا أن أصعب حالات الإعاقة هي الإصابة بمرض التوحد، لكنه وفي حالات معينة تم تجاوز المرض.. داعيا إلى تعاون الجميع مع المعاق، خصوصا من الأسرة، فليس عيباً أن يكون الواحد منا معاقاً، وليس بسر يعاب به الإنسان إذا ما كان لديه وفي منزله ولد معاق. من جهته، استعرض راعي منتدى حوار الحضارات فؤاد نصرالله سيرة عدد من المعاقين بصرياً وسمعياً وكانت لهم إنجازات في عدة مجالات منهم عبدالنبي أبوالسعود، والشاعر وجدي المحروس، والأستاذ شاكر الخنيزي، وعبدالحميد القطري وغيرهم، مؤكدا ما ذهب إليه التركي من أن التحدي والإرادة تجعل من المعاق عضواً فاعلاً في المجتمع.