امتدح الكاتب والقاص يحيى العلكمي، في قراءته النقدية لمجموعة القاصة تغريد العلكمي «شتاء آخر» التي صدرت عن نادي أبها الأدبي ضمن سلسلة «البواكير»، لغة المجموعة، التي وصفها بأنها رصينة مترفعة، تطغى عليها تقنية التداعي التي أشبعت بعض النصوص بسياقات ذاتية أشبه بالخواطر كما هي في نصّ المجموعة ووسمها في الوقت نفسه «شتاء آخر». وقال العلكمي، مساء أمس الأول خلال «جلسة إبداع» نصف الشهرية في النادي: إن هذا النص انزاح إلى المنولوج الداخلي، وشرعت شخصيته في مناجاة الحلم الضائع، وما يكتنفه من حنين إلى ماض جميل غادر ولن يعود. وأضاف العلكمي أن طقس الكتابة لدى القاصّة، مخملي لا يخلو من مفردات: القهوة، اللوحة، المدفأة، الثلوج المتساقطة على الشرفة، البحيرة، الأريكة المتأرجحة، كعكة القرفة، عادا هذه الطقوس ملامح نفسيّة لها تأثيرها على نصوص المجموعة، وقد تمتد إلى معظم نتاجها المستقبلي، لأنّها تنظر إلى الأحداث بمجهر مكبر، دون أن تحاول العيش في المعترك. وأوضح أن النصوص سردت وفق تقنية الراوي الشاهد، وكانت متقنة إلى درجة يمكن للقارئ أن يتعرف زوايا اللحظة وينغمس فيها دونما حواجز، مثل نص «حزن بنكهة القرفة»، الذي عدّه أكثر نصوص المجموعة فنية سردية، وأبلغها تأثيرا وامتدادا، لأنّ الكاتبة اعتمدت على بناء الشخصية بناءً نفسيا ومظهريا لتحيلها إلى موقف ليس للقارئ فيه سوى الاندماج معه والتماهي مع حراكه وألمه. وختم العلكمي قراءته بأنّ القاصة تمتلك أدواتها السردية، وبرعت في نسج عدد من المواقف الحياتية، وكانت حذرة جداً من أن تأخذ قارئها إلى تهويمات الحكي، جاعلة من فنية السرد وتقنياته وهجاً جاذباً باعتبار الحكاية هي ما تحت النهر الذي نرى سطحه السردي يجري في تؤدة وثبات ورونق منتظم. إلاّ أنّه تمنى، في ختام قراءته، أن تعمل القاصة على تجريب مستويات أخرى من السرد واقتناص اللحظات الهاربة عبر زوايا منتخبة بعناية كي لا تشبه إلاّ نفسها. وفي المداخلات، امتدح الدكتور عبدالواسع الحميري، القراءة النقدية التي قُدّمت، وذكر أنّها تنم عن شخصية ناقد لديه منهجية، حيث تجاوزت القراءة الاحتفالية إلى القراءة النقدية المضيئة. فيما امتدح الدكتور إبراهيم أبوطالب، لغة المجموعة، موضحا أن النصوص استطاعت معالجة مواضيع مهمة، مثل الفراغ والبطالة، ورأى أنّ شخصيات المجموعة شخصيات هاربة، إلاّ أنّه أخذ على النصوص أن لغة السرد فيها غير مستقرة بين القصة والخاطرة. ورأى الكاتب علي القاسمي، أن نصوص المجموعة في غالبها، خواطر ولا يمكن أن نطلق عليها قصصاً. وذكر إن النصوص التي تقترب من الذات تكون نصوصاً جاذبة إلا أن الأفكار في جل النصوص كبيرة، لكن التوظيف فيها بسيط ومتسرع.