تناول الروائي والقاص السعودي فهد العتيق أزمة الكتابة الروائية السعودية في ورقة قرأها مساء أمس الثلاثاء في نادي المنطقة الشرقية الأدبي، وتضمنت الورقة سيرة العتيق السردية ورؤيته نحو موضوع الكتابة، واعتبر الروائي العتيق الرواية السعودية حبيسة منذ عقدين من الزمن بين نوعين من الكتابة الروائية، أولاهما تقريرية مباشرة والثانية تتكلف مفردات البلاغة القاموسية وتبالغ في تغميض اللحظة السردية لتعوّض عن أدبية النص المفقودة. وأضاف العتيق أنّه لاحظ اتكاء فئة من كتاب الرواية السعوديين على مفردات الشعر والبلاغة والاستعارة بشكل متكلف، وقال أنّ مشكلة هذا النوع من الكتابة أنّ شعريته تكمن في المفردات وليس في روح العبارة أو روح النصّ. وتساءل العتيق عن الكيفية التي يصل بها الكاتب إلى مستوى شاعرية النص والعبارة دون استدعاء مفردات الشعر والبلاغة القاموسية التي تكشف تكلّف النص وافتعاله، وأجاب بأن الحل لا يكون في اللغة التقريرية المباشرة لأنها مجرد أداة توصيل وليست لغة أدبية فنية تتجاوز التوصيل إلى إثراء الدلالات وتعميق الأفكار. وطالب العتيق الكتّاب بتحويل اللغة التقريرية المباشرة إلى لغة وصفها " بالسهلة والرفيعة في آن واحد، لغة تقع في منطقة دافئة وحميمة وأدبية، لغة صور مبدعة وإيحاءات قادرة على توسيع أفق النصّ وتعميق أفكاره ورؤيته". وأكّد على أنّ الكتابة الأدبية السردية التجديدية ليست أمراً سهلاً وتحتاج إلى تعميق صلة الكاتب بالقراءة الأدبية لما أسماه بالنصوص الرفيعة لكي يقبض على لغته الأدبية الخاصة. وشبّه العتيق بعض الروايات بالنظم الذي يعتبر من جنس الشعر بغض النظر عن فنيته، وقال "أنّ كل لغة تكتب القصيدة أو القصة والرواية هي أدب ولكن هل هذا الأدب أدب حقيقي؟" مطالباً الكتاب بامتلاك القدرة على الملاحظة النقدية الفنية والموضوعية الدقيقة لكي يقوموا بتقييم تجربتهم وتطوير أدواتهم ورؤاهم لأنّ إصدار عشرات الكتب لا يعني التقدم إن لم يصاحبه رؤية نقدية ذاتية. وأكّد العتيق على أهمية الصبر الطويل في اختمار القراءات المتراكمة مثلما تختمر روح النص ومباهج الكاتب وأماله وآلامه في ذهنه قبل كتابة النص، مشيراً إلى أن الصبر هو في حدّ ثقافة يفتقدها لا يعي الكثير من الكتاب قيمتها ما ينتج حالة من التسرع والافتعال في الكثير من التجارب الروائية الصادرة، وقال العتيق أن أهم ملاحظة على التجربة الروائية المنهمرة بكثافة هي وجود اللغة التي لم تتحقق بعد في كثير من الروايات. إلا أن العتيق ثمّن الحركة الملحوظة في الإقبال على اقتناء الرواية السعودية وقراءتها من الشباب السعودي الذي يتداول الروايات ويناقشها على مواقع الإنترنت، كما أبدى سعادته لتواصل إصدارات المرأة في السرد والشعر بما يوحي بنهضة أدبية نسائية قادمة. وأثنى العتيق على الكتابات النسائية واصفاً إياها بأنها أقل تكلفاً في لغتها الأدبية من لغة الكتاب الرجال التي يميل أكثرها إلى لغة الشعر. وتناول العتيق في ورقته قضايا كتابية مختلفة منها انسياق الكتاب السعوديين لتقليد الرواية العربية الملحمية الكلاسيكية في الوقت الذي تجاوز فيه الكتاب العرب نمط الرواية التقليدية باتجاه التماهي مع الحداثة والتجريب في القصة. وانتقد العتيق التعامل الإعلامي مع الرواية من الروائيين الذين لتأكيد الحضور الإعلامي قبل تأكيد الحضور الفني. وأشار إلى سلبية بعض أقلام النقدية التي تتناول الرواية بطريقة صحافية مستشهداً بتقسيم الروايات إلى روايات مؤدلجة وغير مؤدلجة مؤكداً على أن من الخطأ اعتبار وجود الأيديولوجيا في النص على أنه مفسدة، وقال أن من الضروري أن يكون للنص الأدبي قضايا إنسانية يدافع عنها حتى لو كانت صغيرة وإلا لفقد شخصيته الأدبية مشيرأ إلى أن المهم هو كتابة النص بكيفية عالية. وقرأ العتيق في الأمسية مجموعة من قصصه إلى جانب الورقة كان منها:( كواليس الجاهلية، هي قالت هذا ، عمود التراب، يقظة غير صريحة) ومجموعة من القصص القصيرة جداً منها (نسيان، تعارف، خوف، آباء وأشياء).