كنت في جولة في أحد المحلات الكبرى المخصصة لبيع الأثاث المنزلي حينما شاهدت شابا من الصم والبكم يحاول أن يشرح طلبه بصعوبة بالغة لأحد الباعة، ولكنه فشل في ذلك. فوقف هو والطرف الآخر عاجزين عن فهم بعضهما ولم يستطيعا التواصل. ثم خرج الشاب من المكان محبطا وملامحه تدل على شعوره بالخيبة والحزن. شعرت بمعاناة الشاب وكذلك عجز الموظف وعدم قدرته على التواصل معه وتوفير طلبه وفكرت بمدى الصعوبات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة داخل المجتمع سواء فيما يتعلق بالتواصل مع أفراد المجتمع أو الحصول على حقوقهم في الخدمات والوظائف وكذلك الترفيه. الكثير منهم يعاني في التنقل وإنجاز معاملاته اليومية سواء بسبب طبيعة المباني والمحلات غير المؤهلة لخدمتهم والتي تتجاهل إعاقاتهم وتغض الطرف عن معاناتهم عند دخول المباني أو صعوبة صعود السلالم بالنسبة للبعض منهم، وكذلك عدم توفر موظفين قادرين على التواصل معهم وتلبية احتياجاتهم المتنوعة في الأسواق أو المستشفيات والمرافق المختلفة. إن ذوي الاحتياجات الخاصة مواطنون لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وهم ليسوا بحاجة لمشاعر الشفقة التي ترتسم على وجوه البعض حينما يشاهدهم بل ينبغي التفاعل مع احتياجاتهم والاعتراف بحقوقهم من خلال إزالة كافة العقبات التي تمنع من استفادتهم من كافة الخدمات والمرافق. كما يتحتم الحرص على تجهيز المباني والمرافق الحكومية بطريقة تسهل دخولهم وتنقلهم في كل مكان سواء فيما يتعلق بالمراجعات أو أداء وظائفهم. وكم أتمنى تدريس لغة الإشارة في الجامعات وأن تعقد الدورات المجانية لتعليم المواطنين والموظفين في كافة القطاعات كيفية التواصل معهم، وأن تصبح لغة الإشارة مستقبلاً أحد المواد الأساسية بالمنهج الدراسي للطلاب والطالبات في مختلف المستويات والمراحل. أن تدريس لغة الإشارة قد يساعد النشء على تفهم احتياجات الفئات الخاصة وكذلك كيفية التواصل مع أقرانهم من تلك الفئة مما يساهم في دمجهم في المجتمع وبالتالي تسهيل حياتهم.