افصح رئيس أرامكو السعودية ، كبير إدارييها التنفيذيين ، خالد بن عبد العزيز الفالح ، عن أن الشركة أنفقت ما يزيد على 62 بليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية من أجل زيادة الطاقة الإنتاجية من النفط في المقام الأول لتبلغ 12 مليون برميل في اليوم . وتوقع الفالح أن تستثمر الشركة خلال السنوات الخمس القادمة 90 بليون دولار أخرى مع زيادة النسبة الموجهة منها للغاز مشيراً إلى ان الاستثمارات الرأسمالية الحالية والمستقبلية في المشاريع المشتركة لأعمال التكرير والتسويق ستضيف 80 بليون دولار أخرى إلى إجمالي الاستثمارات خلال تلك الفترة الزمنية. وقال الفالح ، في كلمته التي ألقاها في مؤتمر أسبوع كمبريدج لأبحاث الطاقة 2010 الذي عقد في هيوستن بالولايات المتحدةالأمريكية مؤخراً أن هذه الاستثمارات هي انعكاس ملموس لاعتقادنا بأن النفط سيظل اللاعب الرئيس على مسرح الطاقة العالمي في المستقبل المنظور . كما أننا ملتزمون بالمحافظة على طاقة إنتاجية احتياطية كبيرة ، استناداً لرؤيتنا لأهمية إمداد الطاقة بأسعار معقولة، والحاجة إلى دعم استقرار السوق . ولدينا علاوة على ذلك، برامج للتطوير والأبحاث تتراوح بين الصيغ المتقدمة للوقود ، إلى نزع الكبريت من النفط الخام ، واستخلاص الكربون وفصله ، بما يعكس التزامنا إزاء تحسين الأداء البيئي للنفط . ودعا خالد الفالح أقطاب الصناعة النفطية العالمية إلى مزيد من التعاون ، وتنسيق الجهود ، والاستعداد لوضع الاستثمارات الضخمة المطلوبة في الوقت المناسب ، من أجل مستقبل أفضل للطاقة قادر على تحقيق الرفاهية لشعوب العالم لعقود عديدة قادمة . ووضع خالد الفالح بين أيدي المشاركين في المؤتمر ثلاثة طرق تحدد نجاح أرباب هذه الصناعة في النهوض بمسؤولياتهم تجاه مستقبل الطاقة ، وذلك عبر تحقيق تطلعات المجتمع العالمي في الحصول على كفايته من الطاقة، وبكلفة معقولة، مع المحافظة على البيئة. وشرح الفالح رؤيته الاستراتيجية أمام حشد من صناع القرار وخبراء الطاقة والمديرين التنفيذيين وخبراء المال والتقنية من أكثر من 55 بلدا، الذين حضروا للمشاركة في هذا التجمع السنوي لمناقشة شؤون الطاقة ومستقبلها. وفي حديثه عن ضرورة المحافظة على كفاية الإمدادات للعالم على المدى القريب والبعيد قال الفالح انه سيزداد سكان العالم في العقود المقبلة ، ليس فقط من حيث العدد ، بل ومن حيث الطلب على مستويات معيشية أعلى وعلى مزيد من الرفاهية والرخاء . ولذا فعلينا أن نكون قادرين على تلبية تلك التطلعات التي تعتمد جميعها على توفير إمدادات كافية من الطاقة . وفي معرض حديثه عن ضرورة أن تكون الطاقة معقولة التكلفة ، بين الفالح إن الطاقة تعد مدخلاً ضرورياً لكل أنواع الأنشطة الاقتصادية تقريبا وهي الداعم لأسلوب الحياة المعاصرة. فإذا ما كانت الطاقة المستقبلية مكلفة إلى حد لا يُمكن تحمله، فلربما شكل ذلك تهديداً للاستقرار والتنمية الاقتصادية . وبخصوص الإطار الثالث ، وهو المحافظة على البيئة ، قال الفالح لن يشعر المستهلكون بالأمان ما لم يعلموا أننا نبذل كل ما في وسعنا لتوفير الطاقة بطريقة مسؤولة بيئيا . ولهذا السبب ، أعتقد أن المحافظة على البيئة ليست مجرد واجب أخلاقي على مقدمي خدمات الطاقة ، ولكنها أحد الخيارات الاقتصادية السليمة . ومن جانب آخر، اوضح الفالح أن الإنسياق غير الواقعي وراء أحلام التحول الفوري إلى مصادر الطاقة البديلة يدعو إلى القلق لأنه قد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات الكافية في مصادر الطاقة المجربة والحقيقية، بما فيها النفط، مؤكداً أن الوقود الأحفوري سيلبي لعشرين سنة قادمة نحو ثمانين في المائة من إجمالي الاستهلاك العالمي من الطاقة. وطمأن الفالح الجميع بأن هناك عدداً من الخيارات الواعدة لمصادر الطاقة البديلة، التي يحتاج بعضها إلى النمو والتطور مع مرور الوقت. ورأى أن الاعتماد على هذه الطاقة البديلة إلى جانب الطاقة التقليدية أمر ضروري بالنظر إلى الزيادة الكبيرة المتوقعة في المستقبل في إجمالي الطلب على الطاقة في أنحاء العالم. وفي هذا الصدد أشار الفالح إلى أن أرامكو السعودية وغيرها من المؤسسات في المملكة ، مثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية تدرس وتستثمر بفاعلية في تقنيات الطاقة الشمسية. وحدد الفالح أربع استراتيجيات لضمان الوفاء بالحتميات الثلاث التي أشار إليها. وهذه الاستراتيجيات هي تبني موقف عملي وتدريجي تجاه قضايا الطاقة ينطلق من حقائق راسخة وليس من أمنيات نظرية، وتشجيع الاستثمارات النفطية الحكيمة التي تأتي في وقتها المناسب، وتشمل الاستثمار في العنصرين البشري والآلي للصناعة، وبذل استثمارات متزامنة في كل من مصادر الطاقة التقليدية والبديلة على أساس من تكافؤ الفرص، والقيام بدراسة ومعالجة مسألة حماية البيئة واستدامتها بأسلوب موضوعي. وسلط الفالح في هذا السياق الضوء على استراتيجية أرامكو السعودية وتجربتها النموذجية لتحقيق هذا التوازن بين كفاية وموثوقية إمدادات الطاقة العالمية ومعقولية تكلفتها للمنتج والمستهلك، وملاءمة هذه الطاقة وخطط التوسع في إنتاجها من الناحية البيئية. وفي ختام كلمته جدد رئيس أرامكو السعودية دعوته للشركات النفطية في العالم إلى تقاسم عبء النهوض بالاستثمارات المطلوبة لمواكبة الطلب المتوقع على النفط الذي سيصل إلى نحو 105 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2030م.