انتقدت الكاتبة والصحفية السعودية سمر المقرن استمرار ممارسات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مطاردة المواطنين السعوديين ومضايقتهم والتشكيك في سلوكياتهم وأخلاقهم والحط من كرامتهم. وقالت المقرن في مقال لها بصحيفة أوان الكويتية "عندما يلجأ المواطنون الى الصحف من أجل إنصافهم من بعض رجال الهيئة مطالبين جهة محايدة باستعادة كرامتهم، فهذا أمر كارثي يدل على أن هؤلاء كانوا ولايزالون يملكون القدرة والقوة الكافيتين على تخويف أي جهة رقابية من الاقتراب لمحمية الفضيلة التي يتحججون بدرء المفاسد عنها". وأشارت إلى "أن البعض يريد عزل بلادنا حتى عن التواصل مع رجال الدين في دول عربية أخرى ليحكم سيطرته بإيهام المجتمع أنه طوق النجاة الوحيد". وتساءت سمر المقرن قائلة "جميع الدول العربية لاتملك هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهل نحن أقل فسادا منهم؟ هل نحن أقل شعوب الدول العربية في إدمان المخدرات؟ هل نحن أقل شعوب الدول العربية في عدد النساء المسجونات بتهم أخلاقية؟ هل نحن أقل شعوب الدول العربية في عدد حالات الطلاق؟ لو استطاعوا أن يجيبوا عن سؤال واحد من هذه الأسئلة بالإيجاب فسأعتزل الكتابة وأصبح ربة بيت". وفيما يلي نص المقال: الوهم.. الوهم .. مازال مسلسل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مستمرا. في الأيام القليلة الفائتة ذهب مواطن إلى إحدى صحف العاصمة السعودية ليصرخ بأعلى صوته، مطالبا باستعادة كرامته التي لم يأبه رجال الهيئة بها، ولم يساورهم أدنى شك في أن شكوكهم قد لاتكون صائبة، كل ذنبه أنه ترك أهله في السوق ورجع إلى سيارته وقت الصلاة، ليصادف رجال الهيئة الذين سحبوا منه هاتفه الخاص وقاموا بتفتيشه غير آبهين بزوجته وأطفاله المرعوبين من فقد أبيهم دون سابق إنذار. خصوصا أن تهميشهم للمرأة على مدى سنوات طويلة جعل الزوجة تشعر بمصيبة عندما تجد نفسها في سوق دون زوجها، فتتورط لأنها لا تستطيع أن تتصرف بنفسها وأطفالها، وللعلم فهو غير المواطن السابق الذي هو أيضا بدوره لجأ الى الصحافة مطالبا بإنصافه، تتشابه القصتان في شيء واحد وهو أن شك موظفي الهيئة في تلك الواقعة لم يكن موفقا. عندما يلجأ المواطنون الى الصحف من أجل إنصافهم من بعض رجال الهيئة مطالبين جهة محايدة باستعادة كرامتهم، فهذا أمر كارثي يدل على أن هؤلاء كانوا ولايزالون يملكون القدرة والقوة الكافيتين على تخويف أي جهة رقابية من الاقتراب لمحمية الفضيلة التي يتحججون بدرء المفاسد عنها. حجة درء المفاسد هي العذر الوحيد الذي مازال يستخدم منذ أكثر من مئة عام خلت، هي ذات الحجة التي رفض أجدادهم بسببها رفضا قاطعا دخول جهاز الهاتف إلى السعودية، بحجة أن الهاتف مفاسده أكثر من فوائده، وهي أيضا ذات الحجة التي رفضوا بسببها إنشاء مدارس تعليم البنات! سيندهش المتتبع لتاريخ المجتمع السعودي كيف أن البعض يريد عزل بلادنا حتى عن التواصل مع رجال الدين في دول عربية أخرى ليحكم سيطرته بإيهام المجتمع أنه طوق النجاة الوحيد. مازلت أذكر عندما كنت طفلة وتراودني فكرة أن الموسيقى والغناء حرام، بعض زميلاتي الصغيرات –آنذاك- لا يتركنّ مجالا لأحد أن يناقشهن في ذلك،وأتساءل داخل نفسي عن سبب حرمتها المطلقة، ومع توافر فرصة تحرير عقلي وسفرياتي إلى خارج السعودية وجدت أن رجل الشارع في أي دولة عربية يملك وجهات النظر المختلفة حول حرمة الغناء من عدمها، صُعقت كيف يملكون القدرة على تمرير مايريدون تمريره. جميع الدول العربية لاتملك هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهل نحن أقل فسادا منهم؟ هل نحن أقل شعوب الدول العربية في إدمان المخدرات؟ هل نحن أقل شعوب الدول العربية في عدد النساء المسجونات بتهم أخلاقية؟ هل نحن أقل شعوب الدول العربية في عدد حالات الطلاق؟ لو استطاعوا أن يجيبوا عن سؤال واحد من هذه الأسئلة بالإيجاب فسأعتزل الكتابة وأصبح ربة بيت.