تزور والدة الطفلة رهف سلامة "جمعية أرض الإنسان الخيرية" في مدينة غزة، مرتين شهريا للحصول على علاج وأغذية خاصة بطفلتها التي تعاني من هزال ونقص كبير في الوزن. وقالت الأم وهي تحتضن طفلتها البالغة (11 شهرا):"أذهب الى الجمعية كل أسبوعين للحصول على مساعدات مجانية لطفلتي هي عبارة عن أغذية ومقويات خاصة وبعض الأدوية". ويبلغ وزن الطفلة رهف ذات البشرة السوداء والعينين الغائرتين، حوالي أربعة كيلو غرامات، وهو ضئيل جدا بالنسبة لسنها كما قالت إحدى الأخصائيات. ويحذر مختصون ومؤسسات اغاثية، من انتشار أمراض سوء التغذية ونقص الوزن بين الأطفال في قطاع غزة بمعدلات كبيرة، الأمر الذي يتطلب تدخلا عاجلا للحد من انتشار هذه الظاهرة التي تفوق مثيلاتها في دول الجوار. في هذا الصدد، أكد الدكتور عدنان الوحيدي مدير جمعية أرض الانسان، "ارتفاع معدلات فقر الدم ونقص الوزن (النحول) بين الأطفال في قطاع غزة خاصة ممن هم دون الخامسة، وهي تختلف حسب الفئات العمرية والجنس وهي تفوق دول الجوار". وأعلن أنه "يتردد يوميا على مقري الجمعية في مدينتي غزة وخان يونس ما بين 150 الى 170 حالة، ناهيك عن الزيارات الميدانية." وقال الوحيدي:"يبلغ معدل نقص العناصر الغذائية الدقيقة مثل فيتامين "أ" لدى الأطفال في القطاع أكثر من 22%، وفيتامين "د" يبلغ معدل النقص المباشر 4.1% و27 % معدل النقص غير المباشر أي تحت إكلينيكي". وتابع" لعل أخطر ما في الأمر هو الزيادة المضطردة في نسب التقزم الغذائي، حيث ارتفعت معدلاته من 8% الى حوالي 14%على مدى 16 عاما الماضية." ويربط الوحيدي بين النسب المضطردة في سوء التغذية وفقر الدم، وما بين ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة بسبب الحصار الاسرائيلي. وتقول والدة الطفلة رهف التي تقطن شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة: إن زوجها عاطل عن العمل منذ سنوات ويعانون من الفقر المدقع ويعتمدون على المساعدات الانسانية." ويعيش غالبية سكان القطاع الساحلي المحاصر منذ ست سنوات، تحت خط الفقر وفق إحصائيات منظمات دولية. وكشف الخبير الاقتصادي عمر شعبان ،النقاب عن "أن ثلثي سكان قطاع غزة (1.5 مليون نسمة)، يعيشون تحت خط الفقر وهم بالتالي ليس لديهم إمكانية الوصول إلى الغذاء, و يعتمد 80% منهم على المساعدات الاغاثية, لذا فهم خارج القوة الشرائية حيث لا يمتلكون المال الكاف للشراء." الى ذلك، أكد الدكتور الوحيدي، "أن نسبة أمراض فقر الدم لدى الاطفال دون الخامسة تتراوح ما بين 50-70%." ويعاني الطفل زكريا خليل حسنين ابن العام من فقر الدم، ويتردد مع والته الى مقر جمعية أرض الانسان للحصول على مقويات غذائية ودوائية. وحضرت والدة زكريا وجدته من منطقة التوام شمال مدينة غزة، الى الجمعية بعدما وصلت نسبة دمه حوالي 8 وهي في الحالات العادية تكون 11. وتقول الأم: "يقوم الأطباء والمختصون في الجمعية بإجراء فحوصات دورية لطفلي، ونحصل على طعام عبارة عن بسكويت مدعم بالفيتامينات ودواء يحتوي على "فيتامين الحديد" لزيادة نسبة الدم في الجسم وهي بالمجان". وتقدم الجمعية حسب الوحيدي "خدمات تشمل الفحوصات الطبية والتقويم الصحي والغذائي والعلاجات والأدوية المجانية، إضافة لتنظيم حملات تثقيفية." وأعلن مدير جمعية أرض الانسان، "ارتفاع معدلات (انتكاس النمو) والتي هي عبارة عن ائتلاف ما بين التقزم الغذائي ونقص الوزن فوق المتوسط اقل من -2 انحراف معياري للوزن بالنسبة للعمر." وذكر الوحيدي، "أن حالات التقزم الغذائي هي التعبير الأكيد عن تعرض الطفل لمدة طويلة من سوء التغذية المزمنة وخاصة النوع المصحوب بنقص متواصل في العناصر الغذائية الدقيقة مثل الحديد، الزنك، الفيتامينات، البروتينات والطاقة) وكلها مصادر غذائية." وأشار الى "أن هناك علاقة وثيقة ما بين نقص التغذية وتفشي الأمراض الشائعة في الطفولة مثل: أمراض الجهاز التنفسي الحادة وأمراض الإسهال بدرجة أقل، وهي تؤدي الى استفحال ظاهرة التقزم الغذائي وانتكاس النمو."