انتقد تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، قطر واصفا إياها بدولة صغيرة تضطلع بمهام "الإمبراطوريات العظمى في السياسة الإقليمية والدولية" لكنها في حقيقة الأمر بلد يتسلل إليه " المخدرات والآفات الاجتماعية". وقالت كاتيا أدلر مراسلة "بي بي سي" المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط التي زارت قطر في مهمة ل"النفاذ إلى جلد المجتمع القطري"، ولكنها عادت خائبة لانها لم تجد قطريين بقطر "في المطار كان العمال باكستانيون، وفي الفندق استقبلني سيرلانكي، والنادل الذي حضر لي كابوتشينو وانا في طريقي الى قمة الدوحة، نيبالي". وتستغرب أدلر كيف لدولة قطر المحشورة بين السندان المائي للخليج العربي شرقاً والعملاق السعودي الرابض غرباً، ان تمد رقبتها كي تحشر أنفها في الصراعات الإقليمية والدولية التي لا طاقة للكبار عليها. وتجلب قطر التي بدأت "تلعب في ملعب الكبار" سخط العديد من الدول المجاورة بسبب قناة الجزيرة، التي "تنقل الواقع كما هو" وتسببت في أزمات مع عدة عواصم عربية. وأصبحت دول عربية كثيرة تغض الطرف عما تقوله أو لا تقوله الجزيرة، لكنها صدمت في الأشهر الأخيرة من استيلاء "الدولة الصغيرة" على ملفات كبرى هي من اختصاص العربية السعودية او مصر، كالملف الإيراني والقضية الفلسطينية، وامتد "السطو السياسي" إلى إفريقيا باستضافة مؤتمر السلام بين السودان والمتمردين وهو اختصاص ليبي بامتياز. وتسعى قطر بكل أموالها ان تقدم نفسها للعالم على انها "طفرة العرب" في الإعلام والحريات. وبالتعاون مع منظمة مراسلون بلا حدود في فرنسا أنشأت مركز الدوحة لحرية الإعلام الذي يتولاه الفرنسي روبير مينار المولود في الجزائر أيام الاحتلال. وشهد الاسبوع الجاري أزمة صامتة بين قطر والإمارات اندلعت على خلفية انتقادات وجهها مركز الدوحة لحرية الإعلام الى الإمارات متهما شرطة دبي بحجب صفحات إباحية على مستخدمي الانترنت. واستغرب مراقبون كيف ان محاربة المواقع الإباحية أصبح "قمعا" في "قطر المدافعة عن الحرية والإعلام الحر". وتقول مراسلة بي بي سي ان قناة الجزيرة التي تعد علامة مميزة لقطر، تتفاخر بانها تنقل الوقائع كما تحدث، لكن ليس فيما يتعلق بقطر، لانها قريبة من الأمير الى درجة ان صحافيين من القناة تم توظيفهم من قبل الخارجية القطرية في التغطية الإعلامية للقمة الدوحة. وقالت مراسلة بي بي سي انها حاولت قدر المستطاع فهم ما الذي يجري بقطر ولماذا تريد ان تبدو كبيرة لكنها املها خاب ونصحتها مدرسة لبنانية "القطريون أنفسهم لا يعرفون ما الذي يجري اذا لم يكونوا من العائلة الحاكمة". وأضافت نعيمة التي تعيش مع زوجها في الدوحة منذ 16 سنة "يخطأ من يقول ان القطريين ولدوا وفي أفواههم ملاعق من فضة، انها من ذهب ومرصعة بالماس". ولاحظت مراسلة بي بي سي ان "مظاهر الحياة العامة في الدوحة تنحصر في مراكز تسوق ضخمة لا تكاد تنتهي، وعمارات شاهقة تصطف على جوانب شوارع يسكوها الغبار وتجوبها سيارات تشبه آليات عسكرية". وحاولت ادلر مرارا ان تتعرف على قطرين لكن شابا فلسطينيا يعمل منذ عقدين في الصناعة النفطية قال لها ان المجتمع القطري "منعزل جدا" مؤكدا انها يعيش بقطر منذ عقدين ولديه زملاء قطريين في العمل ولكن "ابدا لم أر لا زوجاتهم ولا أطفالهم". ولا يستطيع الاجانب إيجار الشقق في الأحياء التي يقيم بها قطريون، ويقول الفلسطيني مازن بركات "يطلبون منا انجاز كل اشغالهم الشاقة" ويضيف الشاب الفلسطيني "الاسيويون ينجزون الإشغال اليدوية بينما يعمل العرب والاوروبيون والاميركيون في الصناعات النفطية". واضاف مازن "اعيش واشتغل هنا منذ عقدين لكن لا حق لي في الجنسية القطرية". مؤكدا ان المجتمع القطري "مجتمع محتجب جدا جسمانيا واجتماعيا". وذكر تقرير بي بي سي "ان واقع الامارة الغنية يختلف كثيرا عن المظهر الذي تبدو به حيث يتم حجب مظاهر وآفات اجتماعية خطيرة تنتشر في المجتمع القطري من بينها الادمان..". ويحاول سعود بن أحمد ال ثاني احد المسؤولين بوزارة الخارجية القطرية ان يفك بعض الغموض الذي يلف دولة قطر قائلا "القطريون هم الواقعيون في العالم العربي.. نقبل باي كان، عملنا سابقا مع اسرائيل وعلى خلاف العديد من الدول العربية لا نخاف ايران، بل نفهمها".