اد مصورو وكالة فرانس برس، أن جثة الزعيم الليبى المخلوع معمر القذافى، الذى قتل الخميس فى الهجوم الأخير على مسقط رأسه سرت، كانت موجودة مساء الخميس فى مدينة مصراتة ومعها جثة ابنه المعتصم. وأشار مصور من فرانس برس إلى أنه رأى جثة معمر القذافى فى منزل فى مصراتة، حيث تمكن من التقاط صورة تظهره عارى الصدر وبطنه مغطى بالدم، كما يبدو محاطاً بمتفرجين كانوا يلتقطون صوراً بواسطة هواتفهم النقالة. كما أن مصوراً آخر من فرانس برس شاهد فى هذا المنزل جثة المعتصم القذافى، أحد أبناء معمر القذافى، ولفت شهود أيضاً إلى وجود جثة الزعيم الليبى المخلوع فى المدينة الرمز للانتفاضة الليبية. القذافى.. أربعون عاماً من الضحك قيد معمر القذافى زعيم الثورة الليبية وصاحب النظرية الثالثة التى طرحها فى كتابه الأخضر، الذى قتل اليوم الخميس، عرف بتصريحاته النارية وملاحظاته التى لا تخلو من الغرابة، بدءاً من تلك المتعلقة بالقومية العربية، إلى دعوته لإقامة "ولايات متحدة أفريقية"، مروراً "برعايته" الإرهاب رسمياً. فقائد ثورة الفاتح من سبتمبر (1969)، عرف أولاً بأزيائه المتنوعة بدءاً بألوان أفريقيا وانتهاء ببزاته العسكرية العديدة وأوسمته، مروراً بقمصانه الملونة وبدلاته الرسمية وقبعاته ونظارات الشمس التى تكاد لا تفارقه. وعندما بدأت الحركة الاحتجاجية فى الجماهيرية العظمى، كما اختار أن يسمى ليبيا، وصف المتظاهرين المناهضين له بأنهم "جرذان" و"عملاء" و"خونة" يتناولون "حبوب الهلوسة"، وتوعدهم "بالمجازر" و"بسحقهم". قبل ذلك، ردد القذافى الكثير من الجمل التى أثارت دهشة كبيرة، فقد تحدث مرة عن وليام "شكسبير هذا الكاتب المسرحى الكبير العربى الأصل"، موضحاً أمام حضور قليل الاطلاع على الأرجح أن الاسم مركب من كلمتين "الشيخ زبير". وفى القاموس الشخصى جداً لصاحب فكرة حكم الشعب للشعب عن طريق لجان شعبية، أجداد هنود أمريكا ينحدرون من شمال أفريقيا، أما أمريكا أصلاً فقد جاء اسمها من رجل يدعى "الأمر يكا" الذى استولى الرحالة الأسبانى أميريكو فيسبوتشى على كل منجزاته، وفى الاقتصاد توصل إلى نتيجة مفادها أن سويسرا بلد "قريب" من ليبيا لكنه أقل تقدماً من الجماهيرية. وللأمريكيين والسوفيات أيضاً حصة من آرائه بما أن الهمبرجر هو "مزيج من الصراصير والفئران والضفادع وبواسطته تم تدمير الاتحاد السوفياتى". ويرى القذافى أيضاً أن هناك نوعين من الأشخاص يجب التخلص منهم لأنهم يمارسون إحدى مهنتين "غير منتجتين" وهم "المحامى" و"بائع الورود". وهو خبير أيضاً فى الطب، فقد قال فى قمة للاتحاد الأفريقى فى 2003 "الإيدز.. الإيدز.. الإيدز.. لا نسمع سوى هذا الكلام، إنه إرهاب، إنها حرب نفسية.. الإيدز فيروس هادئ وإذا بقيت نظيفاً فليست هناك أى مشكلة". والعسكرى الذى مر على أكاديمية عسكرية بريطانية قارن مرة بين شخصه والمسيح والنبى محمد صلى الله عليه وسلم، ورأى "أنهما لم يعرفا الشهرة العالمية التى وعد بها". والرجل الذى تخلى عن كل المهام الرئاسية ليتفرغ لقيادة الثورة، يحب رفقة النساء، وهو يقيم فى معظم الأحيان فى خيمة ترافقه فى كل رحلاته تقريباً، فكان ينصبها فى الصحراء الليبية تماماً كما فى حديقة القصر المخصص للضيوف الأجانب فى باريس مثلما فعل خلال زيارة فرنسا فى 2007. وخلال تلك الزيارة، شعر بالشفقة على نساء أوروبا، قال إن "ظروف المرأة فى أوروبا مأساوية، أنها مضطرة فى بعض الأحيان للقيام بعمل لا تريده مثل ميكانيكية أو عاملة بناء"، وأكد أنه يريد أن "ينقذ المرأة الأوروبية التى تكافح". ومن منطلق حرصه فى أغلب الأحيان على إثارة الرأى العام فى الدول الغربية، لم يتردد فى انتقاد فكرة الديمقراطية، ورأى مرة أن "بعض الدول يمكن أن تجد أن الدكتاتورية تناسبها أكثر". وفى أغسطس 2010، خلال زيارة إلى روما ألقى محاضرتين عن الإسلام أمام مئات النسوة اللواتى تم اختيارهن من الجميلات والشابات وحصلت كل واحدة منهن على ثمانين يورو، قال لهن إن "أوروبا يجب أن تعتنق الإسلام، والإسلام يجب أن يصبح دين أوروبا بأسرها". ولم يفلت "أصدقاؤه" من آرائه، ففى 2005 فى الجزائر، وصف الفلسطينيين "بالأغبياء" مثيراً ضحك القادة العرب بمن فيهم الرئيس الفلسطينى محمود عباس. وخلال القمة العربية فى الجزائر فى 1988، ارتدى كفا أبيض بيده اليمنى فقط، والسبب هو أنه لا يريد مصافحة بعض القادة الذين "لطخت أيديهم بالدماء". وفى القمة التالية أخذ يدخن سيجاراً كبيراً وينفث الدخان باتجاه جاره، العاهل السعودى الراحل الملك فهد بن عبد العزيز، أما فى قمة الدوحة فى 2009، فقد قطع الصوت عندما كان يتحدث فى الجلسة الافتتاحية عن خلاف بينه وبين الملك السعودى عبد الله بن عبد العزيز، فانسحب. ورغم الاعتذار عن انقطاع الصوت رفض "القائد الأممى وعميد الحكام العرب وملك ملوك أفريقيا وإمام المسلمين"، كما وصف نفسه، العودة إلى الجلسة واختار زيارة المتحف الإسلامى. وفى الثورة التونسية، رأى أن الرئيس المخلوع زين العابدين بن على هو "أحسن واحد" لحكم تونس، بينما قال إن الرئيس المصرى حسنى مبارك الذى تنحى عن السلطة تحت ضغط التظاهرات الشعبية "لا يستحق هذه البهدلة" فهو "رجل فقير ومتواضع يحب شعبه ويشحت من أجلكم". وقد تحول الخطاب الذى ألقاه فى فبراير بعيد اندلاع الثورة إلى موضوع للتندر، وتناقله مستخدمو الإنترنت فى العالم عندما تحول إلى أغنية على طريقة الراب بعنوان "زنقة زنقة"، بكلماته التى توعد فيها بمطاردة الثوار "بيت بيت، دار دار، شبر شبر، زنقة زنقة". وقال فيه "أنا لست رئيساً حتى أرحل، ولو كنت رئيساً لرميت الاستقالة فى وجوهكم، أنا زعيم، أنا تاريخ، أنا ملك ملوك أفريقيا.. من هؤلاء الجرذان الذين يريدون تخريب ليبيا؟ علينا أن نطهر ليبيا من هؤلاء الخونة، سأقاتل حتى آخر قطرة من دمى، والملايين سيتوافدون على ليبيا للدفاع عن الزعيم القائد معمر القذافى". Dimofinf Player فيديو تشافيز ينعى رفيق دربه القذافي ويصفه ب"الشهيد المناضل" خلافاً لغالبية ردود الفعل الدولية المرحبة بمقتل الزعيم الليبي معمر القذافي, التي اعتبرت أن نهاية القذافي تعد بداية مرحلة جديدة في تاريح ليبيا نحو بناء الدولة؛ دان الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، قتل القذافي، ووصفه بأنه "شهيد، وتعرض للاغتيال". وقال تشافيز، المعروف بصداقته ودعمه للعقيد الراحل، خلال زيارة قام بها إلى ولاية تاشيرا: "للأسف، تأكد مقتل القذافي.. لقد اغتالوه.. إنه انتهاك آخر للحياة البشرية". واعتبر الرئيس الفنزويلي الاشتراكي أن الزعيم الليبي السابق سينظر إليه بوصفه "شهيداً" و"مناضلاً كبيراً". وكانت قد ترددت أقاويل كثيرة في بداية الثورة ضد القذافي في فبراير/شباط الماضي، بأن القذافي فر إلى إحدى دول أمريكا اللاتينية، وتحديداً إلى فنزويلا، نظراً للعلاقات القوية التي كانت تربط العقيد الليبي بالنظم الاشتراكية في القارة. حينها، خرج القذافي في أقصر خطاب له، إذ لم يستغرق عدة ثوان، وهو يركب مركبة صغيرة "توك توك"، ويرفع مظلة واقية من المطر، لينفي هروبه إلى فنزويلا أو اي دولة أخرى. وفي البرازيل أعلنت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف للصحافة البرازيلية في العاصمة الأنغولية لواندا، أن البرازيل لا تحتفي بمقتل القذافي، إلا أنها تدعم التحول الديمقراطي وإعادة الإعمار السلمي في البلاد. وقالت روسيف في ختام جولة في إفريقيا: "ليبيا تشهد عملية تحول ديمقراطي، إلا أن هذا الأمر لا يعني أننا نحتفي بموت زعيم أياً كان". إلا أنها أضافت أن "العملية الديمقراطية في ليبيا هي أمر يجب على الجميع... دعمه وتشجيعه، وبالتالي ما نرغب به هو أن تحظى البلدان بهذه الإمكانية للعيش بسلام وديمقراطية". وأشارت روسيف إلى أنها ستبذل "كل الجهود الممكنة كي تتم إعادة الإعمار في جو من السلام". وتابعت: "من الأساسي أن تحل النزاعات عن طريق التفاوض، لأن الحرب ليست وحدها التي تتسبب بأضرار. فمرحلة ما بعد الحرب وتأثير الدمار على الشعوب والأمم يتسببان بذلك أيضا".