قال تعالى (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) , وقال تعالى (وإذا جاء اجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون) أن هذه ألأيا ت الكريمة من كتاب الله الكريم , هي ما يصبرنا ويعزينا في مصابنا الجلل , في فقد صاحب السمو الملكي الأمير/ نائف بن عبد العزيز ال سعود ولي العهد الأمين ووزير الداخلية , لأنه قول الحق تبارك وتعالى , فلا حول ولا قوة إلا بالله , وأنا لله وأنا إليه راجعون. لقد فقدت المملكة العربية السعودية والعالم العربي والإسلامي , رجلا عظيما , من الرجال العظماء القلائل , اللذين لا يعوضون أبدا , فلم تستفيق الأمة بعد من صدمة وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله تعالى , حتى فجعت بوفاة صاحب السمو الملكي الأمير نائف بن عبد العزيز. فلقد رحل الأسد , نعم الأسد فهو ممن قال عنهم الشاعر الراحل الدكتور / غازي القصيبي في قصيدته الشهيرة (أجل نحن الحجاز ونحن نجد) التي أبدعها في حرب الخليج الأولى وقال في أحد أبياتها. ونحن جزيرة العرب افتداها و يفديها غطارفة وأسد: نعم هو أسد كما هو الراحل سلطان بن عبد العزيز أسد , من عرين أسود (أحتماه) (وافتداه) الملك عبد العزيز وأبنائه (الأسود) من بعده الملك سعود , ثم الملك فيصل , ثم الملك خالد , ثم الملك فهد رحمهم الله جميعا , ثم الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله تعالى وأبقاه ذخرا للإسلام والمسلمين. نعم فقدنا نائف بن عبد العزيز كما أفتقده خادم الحرمين الشريفين , وكما أفتقده إخوانه , وأبناءه , وأحفاده , لأنه في الليلة الظلماء يفتقد البدر , فقدنا ناصر العقيدة , وأسد السنة , وسند أهلها وجماعتها , والذي لن ينسى له التاريخ نصرته للعقيدة والحفاظ عليها , والذب عنها , والوقوف في وجه من يحاربها. سيفتقده العلماء , وسيفتقده طلبة العلم , وسيفتقده رجال الحسبة , وسيفتقده الحجيج وسيفتقده كل شبر من المشاعر المقدسة , وسيفتقده كل من كان يسعى للفوز بجائزته للسنة النبوية والتشرف باستلامها من يده الكريمة , وستفتقده الجائزة , وسيفتقده كل رجل أمن كان يعتبره قدوته ومثاله , وسيفتقده أبناء شهداء الواجب , وسيفتقده اليتامى والأرامل , وسيفتقده كل صاحب حاجة. لقد رحل أحد أبرز أقطاب الحكم السعودي , وأحد أبرز أركان الدولة , والذي نال ثقة إخوانه الملوك على مدى سنين طويلة من عمره , وكيلا لأمارة منطقة الرياض , ثم أميرا لها , ثم نائبا للداخلية , ثم وزيرا لها , ثم نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء , ثم نائبا أول ووليا للعهد , مع احتفاظه بحقيبة الداخلية , وبقي على العهد , وفيا لملوكه ولدينه وأمته لأكثر من أربعين عاما , نسي فيها نفسه وصحته وحق بدنه عليه , فكرس جل وقته , وجهده , لخدمة وطنه وأمته , حتى أخر لحظة من حياته رحمه الله. رحل رجل الأمن الأول , ومهندسه , ومبدعه , وصانع أفكاره وإبداعاته , رحل من أبتكر مشروع الأمن الفكري , وجعل المواطن كما كان يردد دائما رجل الأمن الأول , وهو في الحقيقة هو الأول في بناء المنظومة الأمنية السعودية التي أصبحت مضربا للمثل , والكل يأتي بعده بمراحل. رحل من كان يجمع بين صفتين متناقضتين يقل اجتماعهما في رجل واحد , فقد كان كما يقول المقربون منه حازما , لينا , واعتقد والله أعلم أن هذه (هبة) من الله وهبها لذلك الرجل الحكيم , لتقضى على يديه للناس حاجات (وحاجات الناس تختلف) (ولكل مقام مقال) حتى أصبح ممن قال عنهم الأمام الشافعي رحمه الله. وأفضل الناس مابين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات: رحم الله الأميرنائف بن عبد العزيز, فلقد كان شخصية استثنائية , ورجل بقامته يعتبر (فقيدة) بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى , ولقد ألمنا فراقه , وأعتصر قلوبنا فقده , كما ألمنا فراق الملك فهد , والأمير سلطان من قبل , وألم أبائنا من قبلنا فراق الملك فيصل , والملك خالد , وألم أجدادنا من قبلهم فراق الملك المؤسس عبد العزيز بن عبدا لرحمن , والملك سعود , رحمهم الله تعالى رحمة واسعة وأسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة , هم وإبائنا وأمهاتنا وإخواننا والمسلمين أجمعين , وأنزلهم منازل الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. أننا لا نملك من الأمر شيئا , ومؤمنين بقضاء الله وقدره , ونعرف أن الموت حق , وكل نفس ستذوقه , قال تعالى (كل نفس ذائقة الموت) ولا راد لقضاء الله , ولا نقول إلا كما قال صلى الله عليه وسلم (إن العين لتدمع وأن القلب ليخشع , وأنا لفراقك يا أبا سعود لمحزونون. فا للهم اغفر له وارحمه, وعافه واعف عنه, وأكرم نزله ووسع مدخله, واغسله بالماء والثلج والبرد, ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, وأبدله داراً خيراً من داره, وأهلاً خيراً من أهله, وزوجاً خيراً من زوجه, وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار. خاتمه. أتقدم بأحر التعازي القلبية إلى مقام خادم الحرمين الشريفين , وإلى مقام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد , وجميع أفراد الأسرة الحاكمة , وأبناء وبنات الفقيد وأحفاده , والشعب السعودي الكريم , والأمة الإسلامية جمعاء , في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نائف بن عبد العزيز رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته , وأنا لله وأنا إليه راجعون. سلطان صياح الميموني [email protected] 2.jpg