إن من النظريات التي ولدتها ظاهرة الجهل الغير اللائق، وغمستها في ظلمات السقوط إلى الهاوية, هي من أوقعت الأنثى بين مفترِسَين, كل منهما على نقيض الأخر, ولكنهما يسيران في نفس الاتجاه, ولكل منهما رأي منفصل وهو الجهل أو الضياع, والتي تمركزت على حصر الأنثى بين التخزين أو المتاجرة, واقصد بالتخزين, من ستروا عزيمتها، وغيَبوا دورها الاجتماعي والإنساني إلى جنب الرّجل, كما ساهموا في ظلمها لنفسها حينما تستغل أو تُكبت ، وأقصد بالاستغلال هم أولئك الذين نعقوا بمضلة حقوقها رغبة في أهوائهم. فالأنثى ذلك الكيان الذي يجمع بين الضعف والقوة في آن واحد, حينما تكون رقيقة المشاعر ومرهفة الحس, وترجو من الرجل حسن المعاملة وطيب المعاشرة, ورأفة المحب, وأماناً عند الخوف, كما هي الأنثى على الأغلب, وحينما تتحمل الشق الآخر من الحياة, وتعسف بها الدنيا لحظة تخلى الرجل عنها . فالأنثى تغرم بمن يفهم آلمها, ويقرأ مشاكلها, ويستمع إلى قولها, ويحضنها بدفء الآراء, وطمأنينة الإيواء, فعلاقة الرجل بالأنثى علاقة ولاء, يسودها احترام عقلها ومنحها حقّها, فهي إنسان له خصائصه وحقوقه، ومقوّمات شخصيّته. فلا نكون تحت وطأة الظاهرة, والتي ورثناها عن مفاهيم وتقاليد تستهين بقدرات الأنثى وكفاءتها, وكونها مخلوق دون مستوى إنسانية الرجل, فمنذ متى كان خطئها جريمة لا تغتفر, والهدوء والحوار معها مسألة فيها نظر, فلابد من نبذ العنف والجريمة, وطلاق الاندفاع وراء غطاء العار ومن يرضيهم ذلك,. فالأنثى شبيهة بقطعة من شوكلاتة, بل هي الشوكلاتة, متعددة الأصناف والألوان, تنتظر من متذوقيها أن يعرفوا كيف يقتنوها, كما افتقرت إلى من يفهمها, ويعرف صناعتها. فعندما تتطعم الشوكلاتة ذات الشكل العادي, ومذاقها حلو, فهي الأنثى البعيدة كل البعد عن التصنع, ومعاشرتها تريح القلب. وما إن تقتني الشوكلاتة المحشية بسائل الكراميل وتتفاجأ بلذة المذاق المنسابة إلى حلقك, فهي تلك الأنثى صاحبة السلوك الساكن, وعند المعاشرة, تبهرك برقتها التي تنجذب إلى حياتك وتحلو بها أيامك. والبعض من الشوكلاتة تكسوها قطعا من المكسرات فتبدو قاسية بعض الشيء, وعند أكلها تتهافت بفمك, فهي الأنثى جدية الطباع فلا تلين إلا مع بعض المُسايسة وحسن المعاملة . وقد ترى الشوكلاتة المُرَةٌ بطعمها ذات الرائحة الزكية, فهي الأنثى غريبة الأطوار, ولا تحتاج إلا لقليل من سكر الحب لتحلو معها الحياة. فمعاناة الأنثى بالدرجة الأولى هو الرجل, ولا تحيد عنه في أي حال, فهي معه في صراع ابدي, وتتوق إلى الطريقة التي تفضل أن يحبها فيه, وتبحث عن الشيء الذي يجذبه, وتتمنى منه ولو جزء يلفت فيه انتباهها. ومعاناتها الأخرى هو المجتمع نفسه, فهي تهفو إلى التحليق بسماء حريتها الشريفة, وبضوابط دينها الحنيف, بعيدا عن الانتقادات والرفض, والأحكام المسبقة, وتكره أن تُظلَم في حقها, فالأنثى إذا أكرمت أصبحت سحابة ممطرة, وإذا أهينت عادت صيفا مقفرا. فهاهي الأنثى ضُرب بها المثل الأعلى في أول التاريخ, وهي الآن في بلدنا يشار لها بالبنان عندما كُرِمت في اكبر محافل العالم وفي مجالات متعددة. فهذه وقفة احترام وتقدير لكل انثى أرغمت الجميع على فهمها, وأحسنت صناعة نفسها كشوكلاته متميزة بذاتها. محمد العمر [email protected]