جدلٌ ونقاش في صفحات شبكات التواصل، بين القراء والكتاب والفنانين حول مدى إمكانية فصل رأي الرأي السياسي للكاتب عن منتجه الأدبي؛ سؤال إشكالي، كما يقول الشاعر السوري فخر زيدان، يعاد إلى الواجهة مجدداً في أسبوع شهد رحيل الشاعر اللبناني الكبير سعيد عقل، صاحب الآراء السياسية الحادة تجاه الفلسطينيين أيام الحرب الأهلية اللبنانية وأيضاً بُعيد زيارة الكاتبة الروائية أحلام مستغانمي إلى الكويت وما أثارت هذه الزيارة من لغط بين مثقفين كويتيين، حول استضافة الكاتبة الجزائرية التي نشرت مقالاً تتعاطف فيه مع مشهد وتوقيت شنق صدام حسين، ضمن كتاب ضم مقالات أخرى، تدين الرئيس العراقي السابق، كديكتاتور وصاحب مقابر جماعية..إلخ. فهل نقحم رأي أحلام مستغانمي السياسي، عند الحديث عن منتجها الأدبي أم نقرأها بمعزل عن رأيها السياسي في أي قضية كانت، هل يمكن حدوث ذلك بين مجتمعات عاطفية، تشتعل فيها الحروب والاضطرابات وتشتد فيها الاستقطابات السياسية وماذا عن البعد الأخلاقي للكاتب، عندما ينحاز لهذه الجهة السياسية المتورطة أو تلك. أدونيس، واحد من الشعراء والأدباء العرب الذين تعرضوا للهجاء الحاد، بعد أن اتخذ موقفاً في بواكير انطلاقة الانتفاضة الوطنية السورية، محذراً، من استغلال الدين ورافضاً تأييد مظاهرة تخرج من المساجد، لأنها قد تضر بالحراك السلمي الذي انطلق في مارس 2011. وهو ما اعتبره المثقفون المعارضون "خذلاناً للثورة"، وانحيازاً فئوياً وهو ما رفضه أدونيس في أكثر من لقاء مشيراً لمواقفه السابقة من النظام السوري ما قبل عام 2011، ومدللاً بأن الاتجاه الذي سارت عليه الأحداث في سورية تؤكد صواب ما حذر منه. لذا هل سنمتنع عن قراءة تجربة أدونيس الكبيرة، شعراً ونثراً وفكراً، لأنه له هذا الرأي أو ذاك. سؤال، يعيدنا للمربع الأول: هل نحن مع قراءة منتج الأديب بعيداً عن رأيه السياسي؟. يعلق الشاعر السعودي محمد الحمادي على مسألة الفصل بين المنتج الأدبي، ورأي الكاتب السياسي بالقول: " المنتج الأدبي جزء من تفكير الشخص ولا يمكن فصله عن رؤيته العامة للسياسة وكل جوانب الحياة، من الممكن أن يطرح رأيه في منتجه الأدبي، لكن هل يعاقب على طرح هذا الرأي أو يجرّم؟ مؤكداً على حرية الكاتب الفكرية الأدبية في طرح ما يريد. أما الشاعر السعودي مالك فتيل، فيشير موضحاً أن على الناقد في بعض المناهج النقدية أن يفحص النص بعيدا عن الناص، له أن يشير لمكنونات النص دون أدنى تأثير أو إيحاء من مواقف صاحبه أو تاريخه، مضيفاً: "بينما المتلقي (غير الناقد) يصعب عليه تقبل النص دون النظر الى أبعاد شخصية المبدع ودون تحديد موقعه من حيث الالتقاء والافتراق عنه شخصيا، بل يحدث كثيرا أن يكون مفتاح النص فهما وقبولا هو اسم المبدع نفسه". سعيد عقل أحلام مستغانمي بينما تتوقف الروائية السعودية أميرة المضحي عند حالة سعيد عقل، مبينةً: "هناك نقطة تحول وهي الحرب الأهلية، الحرب اللعينة أطلقت الشياطين من داخل النفوس وأطلقت العصبيات والأحقاد المخبأة؛ كيف لشاعر أن يكتب في القدس والشام ومكة أن يكون بهذا التطرف؟ كما أن العمالة للصهاينة لا تلغي الموهبة والإبداع، هو شاعر مبدع وعروبي ثم تحول إلى متطرف وعنصري يهذي سياسياً بما لا يغير شيئا على أرض المعركة، فالجرائم الفعلية ارتكبها آخرون، أصبحوا لاحقا وزراء ورؤساء أحزاب وحكومات ورؤساء جمهورية ومرشحين للمناصب". في حين يرى الصحافي والروائي المصري حسين أبو السباع أنه من الصعب جدا على المستوى النفسي أن يتم هذا الفصل بين الإبداع وبين التوجه السياسي فمن الطبيعي أن أقرأ أعمالا لمن اعتبره عدوي واقراه بالتفصيل جدا، لكن من الصعب جدا قبول انحياز مبدع لتيار العدو. ومن حيز القراء، ترى الطبيبة زينب الدحيليب، أنه من باب الإنصاف والتعقل يجب الفصل؛ الإبداع والموهبة لن تنتفي بوجود آراء ومواقف لهذا الشخص مخالفة لما نعتقده نحن ولكن يصعب على النفس والعاطفة هذا الفصل وتحديداً في أمور نراها نحن لا تحتمل الصواب والخطأ كما هي قضية العرب مع المحتل وموقفنا منها. التشكيلية نور السيف، ترى أنه موضوعيا "يجب الفصل إنما عاطفيا فمن المستحيل ونحن شعوب عاطفية جدا". كما أن هناك فرقا بين الرأي السياسي وبين التحريض. رأي مغاير للكاتبة مها النهدي، إذ تعلن: " أنا مع الفن أياً كان توجه صاحبه، (الفن) له سلطته". إلا أن الإعلامية بثينة النصر، تخالفها معلنة: " لا أستطيع الفصل.. فلسطين خط أحمر".