لم أكن أرغب أن أكون متشائما على غير العادة. فقرار أوبك يوم الخميس الماضي بعدم خفض الإنتاج لم يكن مفاجئاً. ومع ذلك كانت ردة فعل الأسواق على أسعار النفط قاسية وأكثر تشاؤما مني. فقد انحفضت الأسعار بنحو 3 دولارات منذ اعلان الخبر. وكان الاجتماع سريعاً كما توقع وزير النفط السعودي ولم تكن ردود الأفعال بعد ذلك قوية من وزراء أوبك الآخرين أو من الدول المنتجة خارج أوبك. والرسالة التي كانت واضحة والتي يبدو أن أوبك اتفقت عليها هي أنها لن تقوم بحفض للانتاج حتى ترى خفضا فعليا من الدول المنتجة من خارجها. سنعود الى أعمالنا خلال الأسبوع الحالي ونحن نتساءل كيف سيكون تأثير ذلك على سوق الأسهم المحلية التي أغلقت بشكل طفيف يوم الخميس قبل سماع القرار النهائي لأوبك؟ وهي التي شهدت انخفضات شديدة بعد تراجع أسعار النفط بشكل مريع، خصوصا بعد سماع تعليق وزير النفط السعودي بعد اجازة عيد الأضحى في أنه غير قلق من تراجع أسعار النفط حيث كانت في حينها تحوم حول التسعين دولاراً. لقد أعطى هذا التصريح اشارة للسوق الى أن السعودية لن تقوم بفعل شيء ما تجاه أسعار النفط، ما فاقم من خسائر السوق المالية السعودية. وتتابعت بعد ذلك انخفاضات أسعار النفط حتى وصلت الى السبيعنات في الوقت الحالي. وهو السعر الذي لا تحبه سوق الأسهم، بل إن السوق تتوقع أن تنخفض الأسعار دون ذلك، مع اشتداد المنافسة على حصة السوق النفطية في اقتصاديات تتسم بالبطء. ولا تنسى السوق نتائج الربع الثالث التي خرحت بأرباح ضعيفة، تلاها أنباء مذلة عن بعض شركات السوق مثل موبايلي وتخفيضات اكسترا، مايبرر عدم تماسكه فوق 9000 نقطة، ليبحث عن قاع آخر، قد يتحقق بعض من هذه القيعان خلال الأسبوع الحالي على خلفية تراجع أسعار النفط بشكل كبير يوم الخميس والجمعة الماضيين. فالسوق المالية التي تستبق الأحداث في العادة تدرك أن أسعار النفط السعودي تكون أقل من أسعار برنت بنحو 3-5 دولارات، بمعنى أن سعر نفط السعودية قد يكون بحدود 67 دولارا للبرميل مايجعل التوقع بعجز قادم في موازنة الحكومة 2015 أمراً سيقع لا محالة. لكنه يوجه الأنظار الآن الى الميزانية الفعلية لسنة 2014 وكيف كان تأثير انخفاض أسعار النفط عليها خصوصا في الربع الرابع من العام. فقد أصدرت الحكومة السعودية تقديراتها الأولية لسنة 2014 بموازنة تقديرية متعادلة بايردات تقدر ب 855 مليارا ونفقات تصل 855، لكن السوق المالية والمراقبين في أنشطة الاقتصاد الأخرى يتلهفون أكثر الى معرفة النتائج الفعلية النهائية. فقد عودتنا الحكومة على تحقيق فوائض ضخمة في السنوات الأخيرة كان آخرها فائضا بمقدار 206 مليارات ريال في العام الماضي. وعطفاً على انخفاض أسعار النفط وتراجع متوسطات سعره في الربع الأخير فإنني لن أتفاجأ أن يَحدث عجز واضح في ميزانية 2014 قد يقارب مئة مليار ريال أو أكثر، وهذا ماتخشاه السوق المحلية أكثر من توقعات 2015، خصوصا وأن السوق تدرك الآن أن 2015 ستصاب بعجز يمكن تغطيته من الاحتياطات الضخمة للدولة، ناهيك عن أن الأسواق تدرك رغبة الحكومة السعودية في خفض النفقات وتهدئة الاقتصاد منذ أكثر من سنتين خصوصا بعد أن رصدت مبالغ ضخمة لما يسمى المشاريع العملاقة. ولا ترى السوق أن أرباح الربع الرابع ستكون أفضل من الربع السابق، خصوصا لقطاع البتروكيمياويات، لكنني لن اتفاجأ من أرباح مخيبة ايضا لقطاع البنوك والأسمنت والتجزئة أيضا ما يجعل تزايد انحفاض السوق المسبق لهذه الأنباء غير الجيدة أمراً محتملاً خلال شهر ديسمبر.