لا أرغب في الخوض في أهمية الأعمال الريادية Entrepreneurship ، لأن هذه الورقة موجهة لمن هو يدرك ذلك، وخصوصاً المجلس الاقتصادي الأعلى ووزارة الاقتصاد والتخطيط. وأود بداية أن لا أنكر بعض الجهود المميزة في هذا الجانب وأشيد بالجهود التي يبذلها بنك التّسليف والادّخار مؤخّراً ممثّلاً بمديره العام د. ابراهيم الحنيشل، والتغيير الجذري الذي قام به بما يخدم رؤية ورسالة البنك حالياً. اشارة مهمة للتفريق بين مصطلح المشاريع الريادية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة: كثير من المنظمات والجهات ذات العلاقة لا تدرك أن هناك فرقا كبيرا بين المصطلحين، لذلك تجد أغلب الأبحاث تشير للمشاريع الريادية وضمنياً أنها مشاريع صغيرة ومتوسطة، والحقيقة العلمية الفارقة هي أن المشاريع الريادية هي فردية وليست شركة، المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي شركة، باختصار. وهذا الخلط ينطوي عليه تطبيقات غير دقيقة لتوصيات الأبحاث إذا أرادت التعاطي مع المشاريع الريادية. أولاً: بيانات اقتصادية لتقييم الوضع الحالي: 1. استنادا إلى المراقب العالمي لريادة الأعمال (GEM) في مسح أجري من مايو إلى اكتوبر 2009، ومن بين اقتصادات الدول في المنطقة، كانت السعودية لديها أدنى مجموع لنشاط الأعمال الريادية (TEA) معدل، 4.7٪ فقط من السكان البالغين (18-64 سنة) ومن شارك بنشاط في أعمال تجارية جديدة أو تملك الأعمال الشباب يكون عمر المشروع أقل من ثلاث سنوات ونصف سنة ثم يفشل. 2. في السعودية، معظم الأعمال هي جزء من قطاع الشركات الصغيرة والمتوسط وريادة الأعمال، ولكن مساهمتها في الاقتصاد هو 33٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط عمر هذا القطاع هو سبع سنوات (منتدى غرفة الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، 2010). 3. تعترف الخطة الاقتصادية التاسعة في المملكة (2010-2014) على أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما في ذلك (ريادة الأعمال حسب الفهم الخاطئ بينه والمشاريع الصغيرة والمتوسطة) في تنمية اقتصاد المملكة وحددت العديد من الأهداف، مثل تشجيع القطاع الخاص على زيادة انفاقه على البحث والتطوير (مؤتمر يوروموني السعودية 2011) 4. وفقا لبيانات البنك الدولي عام 2009 في مبادرات ريادة الأعمال، المملكة تقع في الجزء السفلي من العالم، وهذا يضفي الشرعية أيضا ويستدعي الحاجة إلى المبادرة في ريادة الأعمال. هذا يدل على أن هناك فجوة والحاجة إلى تعزيز آليات المؤسسات التي تؤدي الى نمو أنشطة تنظيم المشاريع التي من شأنها في نهاية المطاف المساهمة النمو للناتج المحلي والوظائف والسعودة. ثانياً: معوقات الأنظمة الحالية: دمج نشاط برامج القروض الاجتماعية مع نشاط برامج دعم الأعمال الريادية ونتيجة لذلك تم تخصيص أكثر من 90% من رأس مال بنك التسليف والادّخار للقروض الاجتماعيّة وبالتّالي تخصيص وقت ومال كوادر البنك للقروض الاجتماعية على حساب تلك المشاريع. عدم توافر قائمة فرص استثماريّة مختارة وموجّهة للمستثمرين الرياديين والشّباب لدى البنك وعدم توافر قاعدة بيانات للمستثمر الرّيادي تحقق أهداف ورؤية ورسالة معنى اقتصاد هذه المشاريع. عدم توافر نظام تقني خاص بإدارة المشاريع سواء لدى البنك أو لدى المستثمر الريادي، وليس لدى الغالبية العظمى من المستثمرين أدنى فكرة عن ما يسمّى بإدارة المشاريع. ثانياً: منهجيّة العمل للمعالجة: دراسات سابقة ونتائج ملتقيات واجتماعات ولجان متخصّصة لا أعرف حتى الآن لماذا لم تصل تقاريرهم لمستوى منفذي القرار؟ أو إذا وصلت، ماذا تم؟ خبراتنا في معلومات وتجارب اقليميّة ودوليّة في هذا المجال كجهة استشاريّة من الواقع الحقيقي لطلبات وحقيقة المستثمرين الرّياديين الرّاغبين في التّوجيه الاستشاري المجاني كخدمة منّا ورسالة لواجبنا الاجتماعي للمستثمرين الرّياديين. ثالثاً: الحلول المقرحة: قبل الدّخول أود أن اشير لمساهمة المؤسّسة العامّة للتدريب المهني والتّقني وآرامكو وسابك وبنك التسليف والاتصالات السعودية ومصرف الإنماء من خلال تأسيس معهد ريادة الأعمال كذلك جهود صندوق المئوية وباب رزق جميل، كذلك اهتمام الغرف التّجاريّة بهذا الشأن الحيوي، كذلك توجه الصندوق الصناعي نحو المشاريع الصغيرة والمتوسطة على الرغم من الشروط الصعبه له. والحلول كالتالي: - إنشاء هئية "تشريعية" مستقلة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ليس مثالياً، بل الأمثل مبادرة بإنشاء صندوق الملك عبدالله للمشاريع الريادية، مشرعاً وممولاً ومستشاراً ومركزاً للأبحاث. - الإبقاء على بنك التّسليف لدعم القروض الاجتماعية ودمج جميع مراكز ريادة الأعمال (انها الأكثر تنظيماً، ولأنها من صناعة فريق عمل سابق مدير بنك التسليف الحالي) كمنافذ للصندوق، والإبقاء على بنك التسليف وتخصيصه للقروض الاجتماعية فقط، وهذا حل جذري كفيل بمعالجة جميع السلبيات والمعوقات الموضحة وكنتيجة تلقائية طبيعية. - إنشاء مركز متخصّص تابع للصندوق معني بالأبحاث والدّراسات الاقتصاديّة ذي طابع المشاريع الريادي وذلك لتوجيههم نحو الاستثمارات المطلوبة ذات القيمة المضافة والمزايا النسبية ونقل وتوطين التقنية وتوظيف السعوديين. - تطبيق ثقافة وإدارة المشاريع المؤسسية EPM ومكتب إدارة المشاريع PMO : هذا المعوق يطال وزارات حكومية كما أشار لها وزير الاقتصاد والتخطيط الأخ د. محمد الجاسر في إحدى المناسبات. تطبيق(دليل إجراءات عمل المشروع) وهي ماتعرف عالميا باسم SME Tools، حيث يمكن تكييفها للرياديين. - إلزام جميع القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والشركات الكبرى بتبنّي المستثمرين الرّياديين من خلال تخصيص جزء من عقود التوريد أو مبيعاتهم الخام سواء أكانوا مورّدين لهم أم مصدّرين وتخصيص جزء للمستثمرين الرياديين الممولين من الصندوق. - السماح باستثناء الرياديين الممولين من صندوق الملك عبدالله من برنامج نطاقات والسعودة في هذه المرحلة وتطبيق ذلك عليهم في مرحلة انتقالهم لشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة. *مستشار اقتصادي ورئيس سعودي سكوب للدراسات والأبحاث الاقتصادية، وباحث دكتوراه متخصص في اقتصاديات المشاريع الريادية