لاشيء شغف قلوب الشعراء في القديم والحديث، وبالشعبي والفصيح، كالحب!.. الغرام والهيام بحسناء واحدة.. أو عدة حسنوات!.. ليس الشعراء الرجال وحدهم.. بل أيضاً الشاعرات.. لقد ظل موضوع الحب والغرام يسقي الشعراء والشاعرات الماء الزلال ويطعمهم الشهد في بعض الأحيان، أو يسقيهم المر ويطعمهم الحنظل في أكثر الأحيان.. .إن الحب يشبه (ثنائي القطب) وهو مرض نفسي يرفع صاحبه الي عنان السماء سعادة ونشوة ثم يهبط به أسفل سافلين من شدة الاكتئاب، كذلك يفعل الغرام بكثير من المحبين: مرة يرفعهم بأجنحة النشوة والسعادة والابتهاج، ومرات يخفضهم الى حضيض البؤس والألم والعذاب!. وليس الشعراء وحدهم من ذاق من الحب العسل والصاب، اللذة والعذاب، ولكن الكثير من الناس مروا بهذه التجربة المثيرة، وعَبَروا جسر الحب مرةً إلى قصر السعادة ومراراً الى حفرة الشقاء.. خليليّ فيما عشتما هل رأيتما قتيلاً بكى من حب قاتله مثلي؟! البارحة ليلي عسى الله يعوده يازين وصل الليل من بين الأحباب .لكن الشعراء أقدر من غيرهم على التعبير عن الحب السعيد والحب التعيس، وعن رفيفهم مبتهجين رفيف الفراشات بين أحلى الزهور، أو تهافتهم تهافت الفراش على لهيب النار.. . وإذ يرى بعض الشعراء العشاق أن الحب لذيذ رغم ألمه، مطلوب مرغوب رغم أوصابه وعذابه، لأن لذته -في نظرهم -تساوي على قصرها أصناف الآلام والأوصاب.. يرى آخرون أن العشاق مساكين، وأنهم قلمّا يرتاحون أو يسعدون، فهم حتى في بهجة اللقاء وسعادة الوصال يتخيلون آلام البعد والفراق.. يقول الشاعر: وَمَا فِي الأَرْضِ أَشْقَى مِنْ مُحِبٍّ وَإِنْ وَجَدَ الهَوَى حُلْوَ المَذَاقِ تراهُ باكياً في كلِّ وقتٍ مخافة َ فرقة ٍ أوْ لاشتياقِ فيبكي إنْ نأوا شوقاً إليهمْ ويبكي إنْ دنوا خوفَ الفراقِ فتسخنُ عينهُ عندَ التنائي وتسخنُ عينهُ عندَ التلاقي ومن شعر الحب المبتهج : البارحة ليلي عسى الله يعوده يازين وصل الليل ما بين الأحباب جيت الحبيب اللي وفت لي وعوده ماصار لى منبوز الارداف كذاب والى مكانه خالي من حسوده بدا التحية لي على هجة الباب خليت به يوم الزواهر شهوده في ساعة عنا هل الشر غياب خلّي على راعي الهوى ويش كوده عليه من هرج العرب ستر وحجاب شوفه دواي وعلتي من صدوده ودواه شوفي والمودة لها اسباب الله يديمه لي ويبقي سعوده والبيض عقبه لو صفن قلت ما اناب قالوا عشيرك يا ولد ويش زوده وش نفله بالزين عن تلع الارقاب من قولهم تو النظر به نعوده لقيت مابه شي من الشين ينعاب تسمعوا وصفه وهذا وجوده ياطا بحدب منهن الروح تنذاب والساق دملوج سقنه مدوده في منبته ما هزعه كل هباب وانف قسم صافي خدوده وسوده وخرس بلا كحل مضاليل واهداب جيده ونهده محفياته جعوده وغر مناظيم عذيات وعذاب لا طول لا قصر بمشيه ركوده لادق لا عبج مثانيه ورغاب وتالي وصوفه ماحصينا عدوده للقلب نهاب وبالناس لعاب الشف يمه كل خيط يقوده ويلويه عن غيره لواليب دولاب هني من مثلي لمثله يفوده هذا الوكاد وكثرة الهرج ماجاب ما دام جسمي مالجا في لحوده ما انساه وهروجه عجاريف وعجاب وصلاة ربي عد ما رزم رعوده على النبي ما طقوا البدو منساب ومن الشعر الذي ذاق صاحبه مرارة الحب وصابه قول قيس بن الملوح (مجنون ليلى): (رُعَاة َ اللَّيْلِ ما فعلَ الصَّباحُ وما فَعَلَتْ أوَائِلُهُ الْمِلاَحُ وما بالُ الَّذِينَ سَبَوْا فُؤادي أقاموا أم أجد بهم رواح وما بَالُ النُّجُومِ معَلَّقَاتُ بِقلْبِ الصَّبِّ ليس لها بَرَاحُ كَأَنَّ القَلبَ لَيلَةَ قيلَ يُغدى بِلَيلى العامِرِيَّةِ أَو يُراحُ قَطاةٌ عَزَّها شَرَكٌ فَباتَت تُجاذِبُهُ وَقَد عَلِقَ الجَناحُ لها فَرْخانِ قد تُرِكَا بِقَفْرٍ وعشهما تصفقه الرياح إذا سمعا هبوب الريح هبا وقالا أُمّنا، تَأْتِي الرُّواحُ فلا بالليل نالت ما ترجى ولا في الصُّبحِ كان لها بَرَاحُ رُعاة اللَّيْل كُونُوا كَيْفَ شِئْتُمْ فقد أودي بي الحب المناح ومثله قول جميل بن معمر (جميل بثينة): خليليّ، فيما عِشتما، هَلْ رَأيتُما قتيلاً بكى ، من حبّ قاتلهِ، قبلي؟ أبيتُ، مع الهلاك، ضيفاً لأهلها، وأهلي قريبٌ موسعونَ ، ذوو فضلِ كِلانا بكى، أو كاد يبكي صَبابَة ً إلى إلفِه، واستعجلتْ عبرَة ً قبلي أعاذلتي أكثرتِ، جهلاً، من العذلِ، على غيرِ شيءٍ من مَلامي ومن عذلي نأيتُ فلم يحدثْ ليَ النأيُ سلوة ً ، ولم ألفِ طولَ النأي عن خلة ٍ يسلي ومن الشعر السعيد بالحب قول المنتظر (وشدا بها طلال مداح رحمه الله) : وابتدت تحلى الحياة آه يا عيني ع الحياة بعد صبري نال قلبي نال قلبي ما بغاه وابتدت .. ابتدت ابتدت تحلى الحياة ياما شافت عيني قبلك ألف صورة للجمال بس ما صادفني مثلك هُوَّ في زيّك محال .. وابتدت تحلى الحياة آه يا عيني ع الحياة بعد صبري نال قلبي نال قلبي ما بغاه وابتدت.. ابتدت ابتدت تحلى الحياة