انتقل الى رحمة الله يوم الاثنين 3/1/1436ه الشاعر المعروف راشد بن عبدالرحمن بن كليب عن عمر بلغ تسعين خريفاً -رحمه الله وجعل الفردوس مثواه -. ولد الشاعر راشد ببلدة الحريق سنة 1350ه وعاش طفولته وصباه وشطراً من شبابه في مسقط رأسه بالحريق وبدأ ينظم الشعر وهو صغير السن وعمر عشر سنوات فكان يجالس محبي الشعر والسمر ويستمع إلى أحاديثهم ومسامراتهم ويحفظ من أخبار وأشعار أهل بلدته الشيء الكثير وكون لديه حصيلة من التراث القصصي والشعري وهو بهذا راوية وقد نقل عنه الراوية إبراهيم اليوسف جملة من الروايات والقصائد ونشرها في كتابه قصة وأبيات في الجزء الثاني فكانت هذه الروايات سابقة في نشرها وإذاعتها. ولقد كافح الشاعر راشد بن كليب من أجل لقمة العيش فعندما فتحت شركة الزيت العربية أرامكو أبوابها، كان شاعرنا راشد -رحمه الله- من أوائل الذين عملوا بهذه الشركة وسخروا طاقتهم وقوتهم في العمل فكانوا في قمة الإخلاص والتفاني والانضباط في العمل اليومي وأثبتوا أمام المسؤولين الأجانب جدارة الشاب السعودي في العمل الجاد ولو كان فيه ما فيه من المشقة والجهد الكبير، واكتسب خبرة وتجربة في هذا العالم الجديد وتعلم بالمشافهة شيئاً من اللغة الإنجليزية، ثم انتقل بعدها إلى الرياض واستقر فيها وتعين في الحرس الوطني وعاش حياته متفرغاً في كثير من الأحيان للشعر الذي لازمه طوال حياته وأعطى وطنه الكثير من القصائد ذات المغزى في حب الوطن ولا تمر مناسبة وطنية إلا وكانت قوافيه الشعرية تتدفق في هذه المناسبة فكان رجلاً وفياً باراً لوطنه والشاعر راشد شاعر مناسبات بل إنه ضرب بسهم وافر في كل أغراض الشعر فهو غزير الإنتاج الشعري مع أنه شاعر مطبوع سلس الألفاظ والمعاني فهو ذو قدرة على صنعة الشعر من حيث الصياغة والتلاعب بالألفاظ مركزاً على الجناس اللفظي وهذا ما نقرأه في قصيدته الرائعة المهملة وهي من لزوم ما لا يلزم في الشعر حيث نظم هذه القصيدة وأتى بأنواع البديع ولاشك أنها قصيدة قد لا يستطيع كل شاعر أن ينظم مثلها إلا إذا توافرت لديه الثروة اللفظية والرصيد الكافي والتمكن من الشعر والرسوخ فيه وهو ما توفرت لدى شاعرنا راشد -رحمه الله- وهذه القصيدة مناسبتها هي أن أحد الشعراء أرسل إلى شاعرنا قصيدة مهملة زاعماً بظنه أنه لا يقدر أن يأتي بقصيدة مثلها فكان ردالشاعر راشد :. عدا المولع راس ما طال عدا ولا على المولع ولوحد حدا حد الحدود المهملة هم ردا سور الحدود وصار للسور عدال عدال ما عد على السور حادور والكل ما حدر على السور مامور لاح الحدود وصار للسور صاطور صاطور ماص إلى صحا حل ما حل إلى آخر هذه القصيدة ، وبرغم انه غزير الإنتاج لكن للأسف لم ينشر ديوانه في حياته رغم أنه متعلق بوسائل الإعلام المسموعة والمقروءة واعتقد أن ابنه الشاعر عبدالله بن كليب عنده القدرة الفنية والأدبية في إخراج ديوان والده وبالأخص أنه ملازم لأبيه ويعرف مسيرة وسيرة والده وقصصه وحكاياته ومواقفه وهو جدير بأن ينشر هذا الديوان قريباً -وفقه الله- ولشاعرنا راشد بن كليب -رحمه الله- تجربة شعرية في نظم الألفيات التي سلكها جمهرة من الشعراء فكان -رحمه الله- نظم هذه الألفية وهي مربوعة وهي كذلك لزوم ما لا يلزم في الشعر النبطي وهي من فنون الشعر النبطي التي اختصت به وهي الألفيات لأن الشعر الفصيح لا يوجد فيه قصائد على حروف الهجاء ويكاد يكون الشعر النبطي هو المبتكر الأول لنظم الألفيات ولعل ابن بلدة شاعرنا ابن كليب عبقري الشعر، محسن الهزاني هو مبتكر الألفيات في الشعر الشعبي ومن ألفية ابن كليب يقول رحمه الله الفٍ: أولف من عديات الأمثال والقلب من شد العنا يجول أجوال الباء: بعد شفت الحبيّب وقفا أقفى بقلبي طفل ريم معفا التاء: تجدد بي جروح خطيره وأنا بديره والحبيب بديره عزي لمن مثلي حباله قصيره رماه في بحر المحبة وخلاه وحدثني ابنه الشاعر عبد الله بن راشد بن كليب قائلاً ... أن والدي له قصيدة طويلة جداً تعد من أطول القصائد في الشعر الشعبي الحديث والمعاصر وهي قصيدة عنوانها مسلسل الشعراء كانت بينه وبين الشاعر المعروف والإعلامي راشد بن جعيثن ويبلغ مقدار هذه القصيدة 2212 بيتاً. ومن جانب آخر فإن الشاعر راشد -رحمه الله- كان له حضور جيد في إذاعة الرياض عندما بدأت تبث أثيرها من خلال برامج البادية فكان -رحمه الله- ينظم في جميع أغراض الشعر، وتعاون مع سعد التمامي في نظم منلوجات شعبية متعددة منها المنلوج المشهور: نهضة حلوة في بلدنا والحكومة شجعتنا بالمدارس زودتنا والعلوم النافعة وفي الختام اشكر الأخوة الأستاذ الشاعر عبدالله بن كليب والأستاذ عبدالعزيز بن كليب والأستاذ خالد بن كليب على ما أمدوني من معلومات وإفادات عن شاعرنا راشد بن كليب. صورة قديمة للراحل سعد التمامي راشد بن جعيثن