حضرت سيرة الفنانين الراحلين صالح العزاز وعلي الخرجي في أروقة معرض الشارقة للكتاب في أمسية أقيمت لإنصاف المبدعين السعوديين الذين حفظتهم ذاكرة الوطن. وقد كان لصديقيهما الإعلامي يوسف أبو لوز رئيس القسم الثقافي بجريدة الخليج والزميل الدكتور علي القحيص مدير المكتب الإقليمي لجريدة الرياضبالإمارات حديث عن انجازات المبدعين الراحلين وذلك ضمن برنامج "حضور الغياب" وهو أحد الأنشطة السعودية بمعرض الشارقة للكتاب في ندوة أدارها مدير الشؤون الثقافية بالملحقية الثقافية السعودية في الإمارات الدكتور محمد المسعودي. وبدأت الأمسية بحديث "أبو لوز" عن صديق عمره المصور الراحل صالح العزاز الذي ولد في مدينة الخبراء بالقصيم عام 1959م مستذكراً وقفات الصورة الفوتوغرافية التي يعد العزاز أحد روادها السعوديين حيث بدأ حياته العملية مبكراً، بعد أن ترك دراسته في كلية الهندسة في جامعة الملك سعود، ليتفرغ للصحافة. كما تنقل بين العديد من الجرائد والمجلات السعودية، وتولى فيها مواقع قيادية، مسهماً رحمه الله في كتابة المقالة اليومية والتحقيقات الصحافية. وأشار أبو لوز إلى أن العزاز يعتبر من أوائل السعوديين المهتمين بالتصوير الفوتوغرافي، حيث حصل على المركز الثاني في المسابقة العالمية لاتحاد المصورين العالمي في الصين عام 1997. كما اشتغل في إقامة عدة معارض شخصية كان أهمها معرض بلا حدود الذي أقيم عام 2001، وسبقه معرضه الذي اختار أن يكون في وسط الصحراء عام 1996. ونوه أبولوز بقدرات العزاز رحمه الله وخطه التأليفي الذي أختطه بتميز حيث أصدر كتاباً يحتوي على صوره بتعليقات شعرية كتبها الشاعر البحريني قاسم الحداد بعنوان (المستحيل الأزرق) والذي ترجم للغتين الإنجليزية والفرنسية. وتذكر أبو لوز اللحظات الأخيرة من حياة "العزاز" الذي أصيب بالسرطان صيف 2002م خلال إجازة كان يمضيها مع عائلته في أمريكا ليدخل على إثرها أحد المستشفيات وكتب من هناك مقالاته الأسبوعية رغم معاناته مع المرض قبل أن يعود وتتدهور صحته كثيراً، ويدخل في غيبوبة نُقل على إثرها إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض ليلفظ أنفاسه بعد وقت قصير في الخامس عشر من ديسمبر من عام 2002. وفي ذات السياق كان للزميل الدكتور علي القحيص وقفة ذكريات استحضرها مع حياة رسام الكاريكاتير الراحل الفنان علي الخرجي، والتي لم تكن علاقته به وليدة الصدفة بل جاءت بفضل اهتمام القحيص بالفن الكاريكاتيري والرسالة التي امتهنها الخرجي عبر بوابة الإعلام الورقي، وقال القحيص بأن الخرجي أول رسام كاريكاتير نشر في الصحافة السعودية، وكان اسماً لامعاً لوحده في فضاء فن الكاريكاتير، وكان رحمه الله يمتلك أسلوباً ناقداً ولاذعاً وساخراً ويحمل في طياته رسائل للمجتمع السعودي، وأضاف أن الراحل الخرجي تأثر برسامي الكاريكاتير العراقيين على اعتبار مولده سنة 1352ه ونشأته حتى الثانوية هناك ما جعله يكتسب من الفن العراقي أصالة الرسم وعراقة النحت، وتطرق القحيص للمهام التي أنيطت بالراحل حيث عمل سكرتيرا في مكتب وزير المواصلات لمدة سنتين، وابتعث الى مصر مع هيئة اليونسكو، وحصل على دبلوم التربية الأساسية - وسائل سمعية وبصرية، ومن ثم عاد الى السعودية وعمل بمصلحة الطرق بوظيفة رسام فني، كما ابتعث الخرجي من قبل الأرصاد الجوية، وحصل على دبلوم الأرصاد الجوية، وعمل راصداً جوياً بالمصلحة، وعمل بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وأخصائي وسائل سمعية وبصرية، وابتعث كذلك من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الى انجلترا -تخصص وسائل سمعية وبصرية، وحصل أيضاً على دبلوم الوسائل السمعية والبصرية من القاهرة، بمنحة من اليونسكو، وعاد بعدها وتسلم ادارة مركز الخدمة الاجتماعية بالرياض. وأسهب القحيص مع الحضور بسرد السيرة التي لازمت حياة الخرجي من حيث اهتمامه إلى جانب مهامه الوظيفية بهوايته المتأصلة فيه حيث بدأ الراحل رسماً للكاريكاتير بالصحافة السعودية، كما قدم برنامج "بابا علي" للأطفال بالتلفزيون السعودي في بداياته الأولى عام 1385ه، وعدداً من البرامج الاذاعية والتلفزيونية، ويعد اسمه من الاسماء الساطعة في مجال هذا الفن، والذي راح يستهوي قلوب وعقول الملايين على مستوى المملكة كونه البارع والتميز والمتفرد بالكاريكاتير الذي كان يعتبر جديداً في عالم الصحافة السعودية في تلك المرحلة. وأبرز القحيص في محاضرته أهم عناوين واستخلاصات وأفكار الخرجي والتي أظهرت مدى حب وعشق هذا الرسام لرسالته الفنية ودورها وهو مفتون بحب الوطن وعشقه وانتمائه لدينه ومجتمعه، حيث عرف كيف يوزع التراجيديا والكوميديا رغم صعوبة الطريق ووعورته في تلك المرحلة، واستطاع ان ينشر أعماله الفنية ويقيم معارض فنية خارج المملكة، حيث مثل المملكة في فرنسا بالسبعينات الميلادية، كأول رسام كاريكاتير سعودي وخليجي عربي، وكان قريباً من هموم الناس ومتابعة قضاياهم من خلال رصد معاناتهم برسوماته المعبرة التي كان ينشرها على الصفحة الأخيرة، حيث كان يتناول طرح الأفكار القوية ويرصد سلوكيات المجتمع السعودي ويشخصها باسلوب لاذع وساخر ونادر بطريقته الخاصة. وفيما تذكر القحيص تعازي الصحافة التي تناقلت خبر وفاة "الخرجي" يوم الأربعاء العشرين من ذي الحجة 1432ه ختم بقوله: "رسومات وأفكار الفنان الراحل علي الخرجي راسخة بالذاكرة والوجدان، وسوف تبقى خطوطه لا تعرف معنى الرحيل، وهو أول القادمين والراحلين عن هذا الفن". يوسف أبو لوز الزميل د. القحيص متحدثاً عن تجربة الخرجي