الطائفة في اللغة الجزء.. جاء في لسان العرب: الطائفة من الشيء جزء منه، قال مجاهد: الطائفة: الرجل الواحد إلى الألف.. وقيل: الرجل الواحد فما فوق.. وجاء في المعجم الوسيط: الطائفة: الجماعة والفرقة، وفي التنزيل: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما" الحجرات 9. والطائفة: جماعة من الناس يجمعهم مذهب أو رأي يمتازون به، والطائفة: الجزء والقطعة، والطائفية: التعصب لطائفة معينة. إذاً، فالطائفة مفهوم عددي لأقلية تخالف السائد.. وهذا التعدد في حالته الطبيعية من الممكن أن يكون ثروة علمية وفقهية وثقافية واجتماعية، لأن التنوّع شأن قبله الإسلام وأقرّه، أما حين يخرج عن طبيعته يكون وبالاً على أهله. والانتماء الطائفي إذا كان يصب في دائرة بناء الأمة وتكريس وجودها فهو أمر جيد وإيجابي، أما إذا عاد على الأمة بالنقص أو الإضعاف، فذلك يعني أن هناك خللاً يجب علينا تداركه والعمل على تصحيحه وإعادة البناء. والطائفية هي كابوس العصر الذي يهدّد السلم الاجتماعي في كل بلد وُجدت فيه هذه الآفة.. وقد لجأ البعض إلى استخدام ورقة الطائفية ليزرع من خلالها الفتن والصراعات داخل المجتمع، فالفتنة الطائفية أو المذهبية هي مشروع يسعى إلى تمرير مخططاته في المنطقة العربية وجرّ شعوبها إلى حروب وصراعات داخلية وزعزعة الأمن والاستقرار ونشر الفوضى والعنف. إن الدعوات الطائفية والمذهبية ليست من الإسلام، وإنما هي دعوات جاهلية منكرة؛ الغرض منها ضرب المسلمين بعضهم ببعض ليتسنى لأعداء الأمة بثّ سمومهم وتمرير مشاريعهم بأمان. إننا اليوم أمام بدايات بروز هذه الدعوات الطائفية، ويتوجب علينا مواجهتها وعدم السكوت عنها لأن الخطر سيتعاظم عندما نتغاضى عنها أو نتعامل معها بغير اهتمام، ومتى ما تغاضينا عنها فإنه يتوجب علينا أن نتوقع ما ﻻ يحمد عقباه من تنافر وتناحر وقطع للأرحام وهلك للحرث والنسل وأكل للأخضر واليابس. إن قتل الآخر لاختلاف مذهبه أو هويته، أو لمجرد الانتماء لطائفة معينة، لم يكن من الإسلام في شيء، فدين الإسلام هو دين التسامح والتعايش، دين الرحمة والمحبة والسلام وليس دين القتل والتكفير.. لذلك على الأمة الإسلامية أن تنتبه إلى مصيرها الخطير في العالم اليوم؛ فأي غضب أقسى من أن يقتل المسلمُ مسلماً، وأي سخط أوقع من تحامل المسلمين على بعضهم.. وعلى المجتمع عامة والشباب المغرّر بهم بشكل خاص عدم الانجرار وراء هذه الدعوات الجاهلية النكراء. حفظ الله لنا ديننا وأمننا وقادتنا، وحفظ الله لنا لُحمتنا الوطنية والتي تأكدت بعد الحوادث الأخيرة وأثبتت أن مجتمعنا بفضل الله ضد من يريد زعزعة أمنه واستقراره.