في المتوسطة الأولى بأبها كان التعارف حيث جمعنا صف واحد، وفي فترة وجيزة أصبحت أنا والأخ محمد مؤمن لا نكاد نفترق فالمشارب واحدة، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم القائل: الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف. وقد تميز هذا الإنسان النبيل بكريم الأخلاق وطيب المعشر، واستقامة السلوك، وقد سطع نجمه في النشاط الكشفي فاصبح العريف الأول للفرقة الكشفية بأبها، وجمعتني به المعسكرات الكشفية في السودة، وأحد رفيدة وغيرها، كما أن تميزه قاده إلى المشاركة في مناشط الكشافة داخل المملكة وخارجها، وقد وفقه الله أن يعمل في اشرف مهنة وأقدس رسالة، معلماً ناجحاً، ومديراً حازماً تمثلت فيه صفات القائد التربوي المبدع. وقد ازدادت علاقتنا ومحبتنا وتواصلنا قوة وتجذراً مع الأيام فهو مضرب المثل في الوفاء والكرم. وفي مساء الثلاثاء 20 ذي الحجة من عام 1435ه وبعد معاناة مع المرض انتقل الأخ محمد إلى رحمة الله. غفر الله لك أيها الحبيب فبرحيلك فقدت أخاً وفياً، وصديقاً صادقاً، ورفيق عمر فريدا، وعزائي لأم عبدالله ولأبنائه عبدالله وخالد وجميع كريماته وأسرته، وأنا على يقين بإذن الله بان أبناءه البارين سيكونون خير خلف لخير سلف، فقد ترك لهم والدهم ينبوعاً لا ينضب من القيم الرفيعة. ولقد تجسدت محبة الناس للأستاذ محمد عند مواراته الثرى حيث غصت المقبرة بالمشيعين كل منهم يعزي الآخر فالمرحوم ليس فقيد أسرته فقط بل فقيد التربية والمجتمع عامة. وفي الوقت الذي يقام فيه العزاء للفقيد فإن الاخ الأكبر الشيخ يحيى مؤمن يرقد في العناية المركزة إثر حادث سير أليم، فصبراً آل مؤمن، وعظم الله أجركم في والدكم وأقر أعينكم بشفاء عمكم، وأبتهل إلى الله العلي القدير كما جمعني بالأخ محمد في هذه الدنيا على المحبة والصفاء ان يجمعني به وبكل الأحبة في الفردوس الأعلى في الجنة وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه " كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون " وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبا عبدالله لمحزونون. * وكيل وزارة التربية والتعليم لكليات المعلمين سابقاً