هي رسالة تمتم بها لساني وحارت أفكاري في صياغتها فأمسح حروفها عدة مرات وأفكر بعبارات أجمل وأجد أن كل الأسطر التي كتبتها لا تمثل ما يحمله قلبي لهذا الإنسان القريب إلى النفس والذي تدمع عيني وتجول العبرات في أعماقي وترتعش يدي فاتوه وأبحر في شريط الذكريات، فأرجع مرة أخرى وأوبخ نفسي بنفسي قائلاً ألم تجد أفضل مما كتبت؟ أكثر من 33 سنة عشتها معك لم أر منك ما يكدر الخطار أو يجرح الشعور، فقد عرفتك منذ أيام الطفولة والوفاء والنخوة والشاهمة تكبر فيك كلما مرت بنا السنين.. وقد جمعتنا سنوات الدراسة في المرحلة المتوسطة وقررنا أن نذهب سوياً إلى نفس المدرسة الثانوية.. وكانت طاولاتنا الدراسية متجاورة في المتوسطة والثانوية وجزء من الجامعة قبل أن نفترق في الاتجاه للعمل فقط أما قلوبنا فلم تفترق والحمد لله. وقد متنت علاقتنا ببعض إلى أكبر من الإخوة والأشقاء نظراً لصفاء سريرتنا وحبنا لبعض في الله وما أكثر منافستنا لبعض ولكن بحدود الاحترام والأدب الجم خصوصاً من جانبك وكنت رحمك الله أشد حرصاً وتنازلاً عن قناعاتك ورأيك وإن كنت محقاً وكل ذلك من أجل الحفاظ على علاقتنا وقوتها وقد وفقك الله في ذلك ورب الكعبة. ولأن بعد أن توفاك الله فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه وهذه سنة الحياة ولا أقول إلا كما قال الحبيب مصطفى صلى الله عليه وسلم إن القلب لحيزن وإن العين لتدمع وإننا على فراقك لمحزونون (إنا لله وإنا إليهراجعون) واللهم أجعلنا من الصابرين الداعين لك بالرحمة والفوز بالجنة والنجاة من النار وأن يجمعنا الله بك عند حوض نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في مقعد صدق عند مليك مقتدر. أخي وحبيبي أبو فراس هي رسالة اعتراف بالتقصير والضعف وقلة الحيلة في الوقوف معك والتخفيف عنك.. عذراً فقد ألهتنا مشاعل الدنيا عنك.. عذراً فنحن لم نستوعب الدروس والعبر التي عشتها.. أبو فراس أيها الحبيب الحاضر الغائب. أعلم أنك لا تقرأ رسالتي ولكنها عتاب لنفسي المقصر معك أيها الوفي. كم كنت تبحث عن الهدوء والبعد عن الشحناء والبغضاء والكراهية بين الزملاء من تعرف ومن لا تعرف.. كم كنت تتحمل أنواع العبارات بصمت غريب لم أشاهده إلا على وجهك، وكل ذلك ما هو إلا لتوطيد أواصر المحبة وحسن الخلق مع الزملاء جميعاً. أبو فراس رحمك الله رحمة واسعة، منذ أن علمت بمرضك وأنا أعزي نفسي كلما زرتك وأرى في وجهك وجسمك مبشرات خير (إن شاء الله تعالى) فقد كنت كما عرفتك صابراً مطمئناً وتردد بقوة إيمان عبارتك (ما يجي من الله خير). أخي الحبيب رحمك الله. كما تلقيت العزاء فيك من أسرتك وأقاربك وجميع الزملاء جزى الله الجميع كل خير، فالله أسأل أن يتغمدك بواسع رحمته ويسكنك الفردوس الأعلى مع الأنبياء والشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً وجميع موتانا وموتى المسلمين. وأسأله سبحانه أن يجبر عزاء الوالدة أم عبدالعزيز والأخت أم فراس وأسرتك وجميع أقاربك ولله الحمد في الأولى والآخرة. محبك في الله أخوك المقصر