جدد وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني نهاية الأسبوع، على هامش إشرافه على تخرج أول دفعة من مفتشات الشرطة، عزم الجزائر على مواصلة معركتها ضد الإرهاب جنبا إلى جنب مع سياسة المصالحة الوطنية والعفو الشامل، الذي يريد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تحقيقه لطيّ عشرية الأزمة الدموية . وأبدى المسؤول الأول عن قطاع الأمن الداخلي تفاؤله بشأن الوضع الأمني خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مؤكدا أن مصالح الأمن نجحت في تفكيك «تنظيم الجماعة الإسلامية المسلحة» «الجيا» نهائيا وأن أيام تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، ذي الصلة بتنظيم القاعدة معدودة جدا . وكشف وزير الداخلية في لقاء قصير مع الصحافة، مواصلة الجزائر ملاحقة عناصر تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال الذي يتزعمه حاليا «عبد المالك دروكدال» المدعو أبو مصعب عبد الودود، الذي يرفض المصالحة الوطنية والتخلي عن العنف المسلح . وقال الوزير أنه منذ نهاية صيف 2004، ومع مقتل زعيم التنظيم السابق «نبيل صحراوي» المدعو أبو إبراهيم مصطفى رفقة اثنين من مساعديه في كمين نصبته فرقة عسكرية بأعالي جبال القصر بولاية بجاية (250 كلم شرقا) إلى جانب مقتل القائد العسكري للتنظيم «عبي عبد العزيز» المدعو عكاشة البارا .. وما أسماه «الاختفاء اللغز» لزعيمه الأسبق حسان حطاب، وتوقيف «عمار صايفي» المدعو عبد الرزاق البارا بمنطقة تبيستي شمال الشاد، فإن تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، الذي ما يزال موجودا في الساحة بالأخص في الوسط والشرق لكن «بشكل محدود جدا»، تلقى ضربات موجعة أضعفت صفوفه، فضلا عن موجة التوبة المستمرة في صفوف التنظيمات المسلحة استجابة لسياسة المصالحة الوطنية والعفو الشامل . وقال وزير الداخلية الجزائري بشأن التنظيم الإرهابي الأكثر دموية خلال العشرية الأخيرة، الذي تنسب إليه أكبر المجازر الجماعية في الفترة الممتدة من 1994 إلى 1997، وهو الجماعة الإسلامية المسلحة «الجيا»، أنه تم تفكيكه نهائيا لكن ليضيف أن ما يقارب 20 إلى 30 إرهابيا ينتمون لهذا التنظيم «ما يزالون ينشطون في الميدان» . وكشف الوزير أن قوات الأمن والجيش تقوم حاليا بملاحقة تلك العناصر التي انقسمت إلى مجموعتين صغيرتين بمرتفعات تالة عشة بالبليدة (50 كلم إلى الغرب من العاصمة) وجبال قواسم بناحية الشلف (260 كلم غرب العاصمة )، وأن مصالحه تمكنت مؤخرا من القضاء على 10 عناصر تابعة ل «الجيا» بناحية تيسمسيلت (350 كلم غرب العاصمة) ومصرع مجموعة أخرى لم يحدد عددها بمرتفعات ناحية معسكر (400 كلم إلى الغرب) . وعاد الوزير ليشيد بما أسماه «سلسلة العمليات النوعية» التي قامت بها مصالح الأمن المشتركة خلال الأشهر الأخيرة بعد نجاح قوات الأمن في القضاء في الفاتح من ديسمبر الماضي على الإرهابي شعبان يونس المدعو «إلياس» الذي نصب على رأس «الجيا» بعد اعتقال الأمير الوطني للتنظيم بوضيافي نور الدين المعروف باسم «نور الدين آر بي جي» بالقرب من مدينة الشلف (260 كلم غرب العاصمة) الذي عين على رأس التنظيم في 2004، بعد مقتل زعيم التنظيم «رشيد أوكلي» المدعو رشيد أبو تراب على يد أتباعه على خلفية الصراع على الزعامة، بعد مصرع الأمير السابق للجماعة الدموي عنتر زوابري المدعو أبو طلحة على يد قوات الجيش في 8 فبراير 2002 . ولم يخف وزير الداخلية الجزائري الخطر الذي قد يشكله بقاء 30 عنصرا فقط من تنظيم «الجيا» من حيث القدرة على استهداف المدنيين العزل بالأخص، وسهولة تنقل عناصره من الوسط إلى الغرب بنواحي الشلف والجهات المحيطة بالمنطقة المعروفة بوعورة مسالكها وعزلة سكانها وفقرهم، ما يسمح للتنظيم بتجنيد المزيد من الشباب المعوز في صفوفه تحت إغراءات مالية.