فاجأ المخرج والممثل جون فافريو، مخرج سلسلة أفلام "الرجل الحديدي" "Iron Man" والذي يعتمد على الميزانية الضخمة والمؤثرات، جمهوره ومحبيه، بفيلم اسمه "الشيف" "Chef" مختلف تماماً عن نسق أفلام "الرجل الحديدي". فهو يلعب في فيلمه الجديد، ذي الميزانية المتواضعة والذي يعد من الأفلام المستقلة، دور البطولة إلى جانب إخراجه وكتابته وإنتاجه. ورغم أن "الشيف" هو فيلم بسيط في قصته وفي إنتاجه، ولكنه يعد من الأفلام الكوميدية المميزة لهذه السنة. وكما في كل الأفلام التي تتعلق بالطعام، هناك في فيلم "الشيف" حالة من الشغف به تصل إلى المشاهد بصرياً من خلال طريقة تصويره, ولكن هذا الشغف يحضر في هذا الفيلم كخلفية لقصة أخرى عن العلاقة بين أب وابنه، والإبداع والحرية، وحضور شبكات التواصل الاجتماعي وتأثيرها في حياتنا اليومية. ولذلك رغم بساطة الفيلم، فهو ممتع وجميل تماماً كما هي تلك الوجبات التي يصنعها بطل العمل في عربته. يحكي الفيلم بداية قصة كارل كاسبر (جون فافريو)، الذي يبدو واضحاً منذ اللحظة الأولى شغفه بعمله، فالطبخ بالنسبة له فن ومتعة. يدير كارل فريقا من الطباخين، من أهمهم مساعديه مارتين (جون ليجويزامو) وتوني (بوبي كانافيل)، في مطعم كبير يديره ريفا (داستن هوفمان). علاقة ريفا بكارل متوترة، لأن الأول يصر على تقييده بقائمة محددة من الأطباق، ويرفض أن يسمح له بالتجريب وإنشاء قائمة أخرى، والوسيط بين الاثنين دائماً هو مولي (سكارليت جوهانسون)، موظفة الاستقبال التي تتعاطف مع كارل ولكنها لا تستطيع الوقوف في وجه ريفا. يبدو كارل مشغولاً جداً ولا وقت لديه لابنه الصغير بيرسي (إيمجاي أنطوني)، الذي يجيد التعامل مع الإنترنت ويفهم كيفية توظيفها في صالحه عكس أبيه. يعيش الابن بيرسي مع والدته اينيز (صوفيا فيرغارا) بعد انفصال كارل عنها. ويبدو أن احدى نقاط الخلاف بينهما، أن إينيز تلح على كارل أن يشتري عربة ليبيع وجباته عليها ويكون حر نفسه، فيما يصر هو على سعيد بأن يعمل في مطعم معروف وأن يكون مشهوراً. تقول اينيز لكارل أن صديقاً سابقا لها اسمه مارفين (روبرت داوني جونير) يمكن أن يبيعه عربة يبدأ منها، ولكنه أيضاً يرفض، وتبدو هي أيضاً مشغولة بأعمال خاصة بها، وتعول على الوقت الذي يقضيه ابنها مع أبيه في إكمال اعمالها، لكنه دائماً محل خيبة أمل الاثنين، باعتذاره الدائم عن قضاء الوقت المخصص له مع ابنه. يتعارك كارل مع مدون، يدعى رامسي ميشيل (أوليفر بلات) وهو ناقد متخصص في تصنيف المطاعم، بعد أن يكتب نقداً لاذعاً عن الأكل الذي يقدمه في المطعم. وما يزيد المعركة صخباً وجود وسائل التواصل الاجتماعي وسيطاً في إشعال الخصومة، ثم تتطور الأحداث بعد دخول الجميع طرفاً في الخصام. رغم قلة الأحداث إلى حد كبير ورغم أن تطور الشخصيات محدود في الفيلم، لكن التصوير والموسيقى والمونتاج أضفوا نوعاً من السرعة والمتعة في المشاهدة، فلم تبدو تلك النقاط واضحة ولذلك فقد لا يشعر بها المشاهد, فالصورة احتفت بالأكل وأعطته أهمية خاصة بكل تفاصيل الأطباق كما يطبخها كارل. أما المونتاج فإضافة إلى تقاطع المشاهد في كادر واحد، كما في فيلم "ٍ"Sideways، والذي يذكر بالفيلم في بساطته وحيوية قصته، وإلى إضفاء حيوية بسرعة التقطيع في متابعة عملية الطبخ، فقد كان دخول كتابات تويتر وغيرها في الشاشة نقطة حيوية في شكل الفيلم المختلف. وكان يتم استعراض التغريدات بخط كبير على الشاشة بشكل يشبه استخدام "White Cards" في عرض الرسائل الهاتفية التي يتبادلها شخصيات المسلسل. أما الموسيقى فقد تنوعت وكانت مناسبة جداً للأماكن المختلفة التي تنقل فيها كارل وأعطت إحساساً جيداً بطبيعة المكان. يمكن القول بشكل عام ان القصة تحتفي بالعلاقات الإنسانية والجو العام ممتع ومسل. كما أن الأداء كان جيداً خاصة فافريو والصبي إيمجاي أنطوني. والجدير بالذكر أن فافريو تدرب على يد شيف اسمه "روي تشوي" قبل بدء التصوير، ولذلك فقد كان يبدو طبيعياً جداً في أدائه، ملماً بكل التفاصيل الصغيرة لهذه المهنة. وقد استطاع المخرج حشد كمية من الأسماء المهمة كداستن هوفمان وروبرت داوني جونيور وسكارليت جوهانسون في أدوار بسيطة لكنها أعطت ثقلاً للفيلم. وشبّه الكثير من النقاد رحلة جون فافريو الممثل والمخرج والكاتب والمنتج بأنها تشبه رحلة كارل في الفيلم حيث يعود من الأفلام الكبيرة التي تعتمد على كثير على العمل التقني إلى الحكايات البسيطة والمؤثرة. من الفيلم