جسر للمحبين في باريس... أمر طبيعي جدا، فالعاصمة الفرنسية هي مدينة الحب. لكن المدهش أن يكون للمحبين جسر مماثل هنا في مدينة البصرة بجنوب العراق. بدأ الأمر بمجموعة صور التقطها شاب عراقي لجسر الفنون في باريس خلال زيارة لفرنسا. يعلق العشاق في فرنسا أقفالا من النحاس على سور الجسر ويلقون مفاتيحها في نهر السين تعبيرا عن الارتباط برباط الحب الأبدي. أرسل الشاب الصور إلى أصدقائه متسائلا... لم لا يكون لنا جسر مماثل في البصرة؟ أعجب أصدقاء الشاب بالفكرة فطلبوا إذنا وحصلوا على موافقة على تحويل جسر فوق ممر شط العرب المائي إلى "جسر الحب". قال أحمد السلمي أحد الذين تبنوا فكرة الجسر "افتتحنا الجسر يوم الثلاثاء المصادف سبعة عشرة (السابع من أكتوبر تشرين الأول). توقعنا العدد سيكون قليل جدا فكان الأقفال الذي اشتريناها ووزعناها مجانا يوم الافتتاحية 250 قفل. لكن تفاجئنا بالعدد الكبير الذي كان متواجدا يوم الافتتاح حيث وصل العدد تقريبا إلى أكثر من 900 شخص كان متواجدا على هذا الجسر في يوم الافتتاح وبالتالي كان إنجاز كلش كبير في وقت قصير." في الأيام القليلة التالية لبدء تنفيذ الفكرة في البصرة توافدت على الجسر أعداد كبيرة من الشبان والفتيات ليعلقوا أقفالا نحاسية على أسواره. وكتب بعضهم اسمه في أوراق صغيرة ربطوها بالأقفال التي ألقوا مفاتيحها في مياه شط العرب. وقال السلمي "تفاجئنا بعد أيام قليلة أنه وصل عدد أقفال الجسر من 250 قفلا إلى أكثر من 700 حاليا وهذا إنجاز كلش كبير بأنه الناس جاية (تأتي) وتضع أقفال. لكن للأسف قبل فترة تعرض هذا الجسر إلى محاولة تخريب من بعض الناس. لحد الآن ما يعرفون منو هؤلاء الناس. حاولوا يشلعون هذه الأقفال وحاولوا يشلعون هذا المشبك. ولكن حاليا الشباب أعادوا صيانته مرة ثانية وصار الجسر وسيستمر إن شاء الله." كان العراقيون متحررون إلى حد بعيد في عهد مظام حزب البعث العلماني. لكن نفوذ الإسلاميين اتسع نطاقه في البلد منذ الإطاحة بصدام حسين عام 2003. وذكر السلمي أن فكرة الجسر لاقت اعترضات من بعض الناس في البصرة وأنه وزملاءه المنفذين للفكرة تعرضوا لمثير من المضايقات. وقال "نحن الفريق تعرضنا إلى ضغوط كلش كبيرة من جهات. ممكن مسميات قد تدخل ضمن مسميات حزبية وحتى مجموعات مسلحة كانت توصل لنا مسجات (رسائل) عن طريق الفيسبوك أو عن طريق موبايلاتنا الشخصية أنه هذه الفكرة محرمة وأنه أشبه بفكرة التميمة المحرمة بالدين الإسلامي. لكن كان هناك توضيح من قبل رجال الدين المعتدلين وضحوا بأن التميمة لا تقصد بها هذه الأقفال وإنما يقصد بها غايات أخرى. ولكن بصورة عامة هنالك مضايقات كبيرة من بعض الأحزاب ومن بعض الفرق السياسية الموجودة في البصرة." ويواصل الشبان في البصرة تعليق الأقفال على الجسر رغم تراجع أعدادهم بعد الأيام التالية لبدء تفيذ الفكرة. وقال شاب يدعى أحمد شنيف نعمة "هذه الفكرة اعترضوا عليها مجموعة من الشباب والبعض الآخر لا.. أيد هذا الشيء وعجبتهم الفكرة. أنا واحد من المعجبين بهذه الفكرة وجئت لكي أعلق القفل. طبعا نكون صريحين اسمي واسم صاحبتي وحبيبتي." وكان نعمة قد فرغ لتوه من تعليق قفل جديد على سور الجسر وإلقاء مفتاحه في الماء.