يقع جسر «ميلفيو» في قلب العاصمة الإيطالية روما، وهو مخصص للمشاة. لا تعبره السيارات أو حتى الدراجات البخارية. ولهذا الجسر حكاية وتخصص، والحكاية تعود إلى حوالى ثلاثين سنة حينما روى أحد الأفلام السينمائية قصة عاشقين تبادلا كلمات الحب والإخلاص مدى الحياة فوق هذا الجسر، ووضعا قفلاً حول أحد أعمدته، وثم ألقيا مفتاحي القفل في النهر كرمز لحبهما الذي لا يفكه أي شيء. أما التخصص فهو أنه بعد الفيلم تحول السيناريو إلى واقع إذ أن عشاق روما وغيرهم من السياح الأجانب صاروا يتبادلون «الوعود الأبدية» ويضعون قفلاً على الجسر حال ما فعل الحبيبان في الشريط السينمائي ويرميان بالمفتاحين في النهر. وعلى مدار الأعوام أصبح عدد الأقفال التي تزين الجسر من ناحيتيه هائلاً فضلاً عن أن النهر يزخر بالمفاتيح طبعاً، ولكنها حكاية ثانية. ويتسنى لكل من يعبر جسر «ميلفيو» في أي وقت خصوصاً الليل، أن يرى كثيرين من العشاق يتبادلون الكلمات الرقيقة ويضعون الأقفال ثم يرمون المفاتيح في النهر. وبما أن متوسط أعمار هؤلاء العشاق هو العشرين وربما أقل، وأيضاً لأن الشبان في مثل هذا العمر يقعون في الغرام بسرعة كبيرة وثم تنتهي الحكاية بالسرعة ذاتها، فإن بلدية روما تفسّر عدد الأقفال الضخم بكون الأشخاص أنفسهم يعودن مرات ومرات إلى الجسر وفي صحبة شركاء جدد في كل مرة، وبالتالي هناك أكثر من قفل للشخص الواحد طبقاً لعدد الحكايات العاطفية الملتهبة التي عاشها. وفي باريس سعى عشاق إلى القيام بالشيء ذاته فوق جسر الفنون «بون دي زار» الخشبي والمخصص أيضاً بدوره للمشاة والذي يربط متحف اللوفر بالحي اللاتيني، إلا أن بلدية باريس ترفع الأقفال في شكل دوري حفاظاً على مظهر الجسر ومنعاً لتشويهه، فالمزاج الفرنسي يختلف عن مثيله الإيطالي في شأن الشكل الخارجي للمباني والتراث، وإن كانت باريس معروفة بجذبها للعشاق ولكن ليس أقل من روما.