مسابقة اقرأ التي تعتبر أحد برامج مبادرة أرامكو السعودية لإثراء الشباب، هل هي مسابقة تنافسية لإبراز القارئ الأكثر شغفا بالقراءة؟ هل مسابقة تهدف إلى تحريض الشباب على القراءة والعودة إلى الكتاب؟ هل هي احتفالية ثقافية تتنوع فيها العروض والاهتمامات الإبداعية ؟ في اعتقادي أنها تمثل كل هذه الحالات وأكثر من ذلك. فهذه المسابقة وفي عامها الثاني أصبحت مثار اهتمام الشباب وأصبح كل قارئ شاب لديه طموح بأن يكون أحد المشاركين في المسابقة. إن ما حدث على مسرح مسابقة اقرأ لا يمكن تصوره على انه حالة تباه قرائية ولا يمكن أن يكون مجرد أداء مسرحي استعراضي للحديث عن الكتب. فعندما نتأمل المتسابق وهو يتحدث عن كتابه المفضل ستجد الانفعال والشغف. فالمتسابقة الصغيرة ليانة الملحم وهي تقدم عرضها عن كتابها كادت أن تبكي منفعلة ومتأثرة بالحديث عن شخصية النبي صلى الله عليه وسلم. وستجد أن أحد المشاركين يتحدث بوعي عن رواية العمى للروائي جوزيه ساراماغو. بل إن احد المشاركات وهي تمثل المرحلة الثانوية اختارت كتاب الدكتور عبدالله الغذامي اليد واللسان متفقة ومجادلة للمؤلف. وهناك من اختارت رواية كائن لاتحتمل خفته للروائي ميلان كونديرا وهي الرواية التي تحمل العمق في بنائي الروائي وفي موضوعها فنجدها تتحدث عن الرواية بلغة شعرية آسرة. كما أن هناك متسابقين جذبتهم الكتب التي تتحدث عن القضايا القومية فنجدهم مأسورين وغارقين في الانحياز لتلك المؤلفات. ومنهم من اختار الكتب الفلسفية فتجد لديهم روح الجدل حاضرة، فخيارات المتسابقين في الكتب مختلفة ومتباينة. ومن يرصد العناوين سيفهم كيف الاتجاهات القرائية للقراء الشباب والى أين تتجه وما هي الكتب الرائجة والأكثر حضورا لدى تلك الشريحة من القراء. ماذا بعد المسابقة؟ هؤلاء المتسابقون هل ننتظرهم كإضافة للمشهد الثقافي فنجد منهم الناقد والمبدع والكاتب أم أنهم سيمضون في طريق القراءة ويكون خيارهم هو المحافظة على لذة القراءة. أم أن تلك التجربة بكل تفاصيلها وعوالمها هي تجربة مؤثرة في حياة كل متسابق شاب شارك في هذه المسابقة ليس على مستوى القراءة فقط بل ستصبح نقطة تحول في حياة هؤلاء الشباب في حياتهم الدراسية والعملية في المستقبل. لكن هناك أمراً ربما يبعث القلق، وهو الخوف من أن الذين فازوا بجوائز المسابقة أن يقعوا تحت سطوة النجومية. فجائزة المسابقة تمنح كلا منهم الضوء والشهرة إلى حد ما. فيتولد لدى القارئ إحساس بأنه وصل إلى سقف القراءة وانه أصبح القارئ الجماهيري. فينتهي مشواره في طريق المعرفة قبل أن يبدأه. ومع هذا التوجس إلا إن الجدية والشغف التي ترتسم على ملامح وجوه أولئك الشباب يمنحنا الأمل بأنهم يملكون الوعي والرغبة في أن يسجلوا حضورا يوميا في المشهد الثقافي والعلمي. وأخيرا أقول ويقول معي الجميع لشركة ارامكو شكرا. وهو التعبير الأقل لهذا الجهد العظيم والمتقن في كل تفاصيله.