تراجع الأداء العام للبورصات العربية إلى مستويات غير متوقعة خلال تداولات الأسبوع الماضي، متأثرة بالأحداث والتطورات التي تشهدها الأسواق العالمية، وأظهرت جلسات التداول عودة الترابط السلبي بين بورصات المنطقة والأسواق العالمية، فيما لم تكن الإغلاقات اليومية للبورصات قادرة على إظهار درجة الارتباط والعلاقة المباشرة بين ما يحدث لدى الأسواق العالمية وبين الشركات المتداولة على المستوى المحلي، ولم تستطع أيضا كافة قرارات البيع والشراء من الإجابة على التساؤلات المطروحة، وعن كيفية تأثر الشركات المدرجة بانخفاض أسعار النفط على سبيل المثال، في الوقت الذي لم تتأثر موازنات الدول بعد من هذا الانخفاض، وشهدت غالبية جلسات التداول ضغوطا بيعية كثيفة أدت إلى تراجع العديد من البورصات إلى مستوياتها ما قبل ثلاثة أشهر، وأظهر الأداء ضعف مؤشرات الارتداد والتعويض بين جلسة وأخرى. وأظهر تحليل أجراه الدكتور أحمد مفيد السامرائي رئيس مجموعة صحارى أنه تبعا للتدهور الحاصل على كافة مؤشرات الأداء اليومي للبورصات، تراجع التأثير الإجمالي لمؤشر السيولة اليومي لدى البورصات العربية، فيما كان الارتفاع الحاصل على متوسط قيم السيولة الأسبوعي نتيجة ارتفاع عمليات التدوير بيعاً وشراءً خلال نفس الجلسة، الأمر الذي أعطى مؤشرات خاطئة بأن قيم التداولات مرتفعة وبالتالي فإن قدرة البورصات على التماسك والصمود متوفرة، وهذا لم يحدث، وسجل مؤشر السيولة الأسبوعي لدى السوق السعودي ارتفاعا خلال تداولات الأسبوع الماضي ليصل إلى متوسط 8.3 مليارات ريال مقارنة بمتوسط 6.4 مليارات ريال خلال التداولات السابقة، وجاء متوسط قيم السيولة لدى بورصة الكويت عند الحدود السابقة المسجلة ليصل إلى 29 مليون دينار مقارنة ب27.5 لمليون دينار، فيما اتخذت بورصة قطر المسار نفسه ليصل متوسط السيولة إلى 566 مليون ريال مقارنة ب585 مليون ريال على التداولات السابقة، هذا وحقق مؤشر السيولة لدى بورصة مسقط ارتفاعا ملحوظا ليصل إلى 11.9 مليون ريال مقارنة ب8.6 ملايين ريال خلال التداولات السابقة علما أن السوق واصل تراجعه للجلسة السابقة على التوالي. الجدير بالذكر أن ارتفاع قيم السيولة خلال جلسة ما أو فترة ما ليس بالضرورة أن يحمل مؤشرات إيجابية بل على العكس فإن ارتفاع السيولة خلال فترات عدم الاستقرار يعني ارتفاع وتيرة المضاربات وجني الأرباح والتخلص من المراكز الخاسرة. ولفت السامرائي إلى أن تداولات الأسبوع الماضي كشفت عن هشاشة أسواق المنطقة وعدم قدرتها على الصمود أمام التطورات التي تشهدها الأسواق العالمية وعدم توفر الحد الأدنى من الحصانة، وهذا يعيدنا مرة أخرى إلى المربع الأول، فلا المؤشرات الاقتصادية الرئيسية القوية التي تظهرها اقتصادات دول المنطقة، ولا وتيرة النشاط التي تسجلها القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية، ولا حالة التعافي والتحسن الحاصل على جذب الاستثمارات الخارجية، كان لها دور في تخفيف مستوى الضغوط التي مورست على مسار التداولات اليومية لدى البورصات العربية، وبالتالي ارتفاع مستوى المخاطر المصاحبة للاستثمار غير المباشر من جديد، وهذا مرده إلى طبيعة الاستثمار لدى البورصات وسيطرة الأهداف الآنية على الاستثمار والتي تقتصر على تحقيق الأرباح على المدى القصير فقط، وهذا يعني أن كافة التدابير والتشريعات والقوانين والترقيات والخبرات المتراكمة لحملة الأسهم لن يكون لها تأثير يذكر على الأداء اليومي، كلما تعرضت الأسواق إلى ضغوط داخلية وخارجية مماثلة وبغض النظر عن العلاقة بينها وبين أداء الشركات المتداولة والأداء الفعلي للاقتصادات المحلية. وقال السامرائي أنه يمكن القول إن التراجعات الحادة المسجلة قد ساهمت في توسيع قاعدة الفرص الاستثمارية المتاحة لدى البورصات عند المستوى السائد من الأسعار والتي كانت قد ارتفعت كثيرا خلال الفترة الماضية، الأمر الذي يمكن أن يعطي البورصات زخما إضافيا، لتبدأ رحلة تعويض الخسائر المسجلة خلال فترة إعلان نتائج الأداء للربع الثالث من العام الحالي. وأوضح السامرائي أن سوق الأسهم السعودية تكبدت خسائر مؤلمة في تعاملات الأسبوع الماضي بعد تدافع شريحة كبيرة من المتعاملين على البيع لمخاوفهم من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، عقب تقارير ومؤشرات دلت مؤخرا على ذلك، وتراجع أسعار النفط، وهوى مؤشر سوق الأسهم السعودية خلال الأسبوع الماضي بنحو 12% وبواقع 1301 نقطة ليستقر عند مستوى 9547.54 نقطة وهو المستوى الذي كان قد غادره منذ أربعة شهور في رحلته للصعود، وقام المستثمرون بتناقل ملكية 1.3 مليار سهم بقيمة 41.5 مليار ريال نفذت من خلال 65.2 مليار ريال.