اتجهت التحليلات السياسية بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء إلى المملكة وحملت التاريخ والجغرافيا وقيل من السياسة وبعض الخرافات لتعرف موقف المملكة من هذا الحدث الجلل، أو بمعنى أدق لتوضح للقارئ موقف المملكة، ومنها من جعل ذلك رؤية سعودية لاستدراج إيران للمستنقع اليمني، وبعضها وصف الموقف السعودي بالمتخلي عن اليمن، وآخر أو آخرون رأوها ضربة سعودية وخليجية لإخوان اليمن. مشكلة موقف المملكة في اليمن لا يتحدث عنه من يعرفة من الأشقاء في اليمن ويعود ذلك لبعض المصالح السياسية الخاصة بهم وارتضوا أن يكتب بطريقة مغايرة عن الطريقة التي يعرفونها وذلك أيضاً لحساباتهم السياسية الخاصة وإن تحدثت المملكة عن ذاتها اعتبر عند الأشقاء أن ذلك شيء يشبه المنة، وبين المصلحة وتردد أخذتنا التحليلات لمناطق أخرى ليس لها علاقة بالمواقف الحقيقية. موقف المملكة من الوضع اليمني هو موقف واضح في المبادرة الخليجية التي جاءت كطريق آمن لإنقاذ اليمن من فوضى أوهام الشارع وأطماع السياسيين وتجنيب اليمن الحرب الأهلية التي كانت تقف في الرصيف المقابل لطريق المبادرة الخليجية، فإفشال المبادرة الخليجية كان نتيجة عمل جميع الفصائل السياسية اليمنية المتصارعة وليس بسبب الحوثيين فقط، فالمملكة مع أشقائها في الخليج قدموا المبادرة والمال والجهد من أجل خلق حالة من التراضي بين الشارع وممثليه في القرار السياسي، فتبدل القناعات لدى حراس السيادة اليمنية ليست مسؤولية سعودية ولا خليجية وإن كانت مصلحة إيرانية يحاسب عن ذلك اليمنيون وليس الخليجيين، فاليمني مطلوب منه أن يضحي من أجل استقرار بلده لا أن يساوم عليه، فتقديم استقرار اليمن كأنه استقرار للسعودية وليس استقراراً لليمن شيئاً به شيئاً من المساومة للسعودية وحثها على دفع ثمن أخطاء السياسيين اليمنيين، فالحكمة اليمانية لا تكون حكمة إذا ساومت على استقرارها. فالمملكة تمتلك القدرة على حماية استقرارها فلا مساومة ولا تراخي في هذا الاعتبار، وكذلك تمتلك اليد النظيفة والقوية لمساعدة أشقائها، ولكنها لا تستطيع أن تكون بدلاً عنهم في قضاياهم، اليمن كانت أمامه فرصة كبيرة لمساعدة نفسه عندما كان في بداية أزمته وجد المال والإرادة السياسية، وعندما انقلب على ذلك وحرق مركب أمنه بيديه... الشعب لا يكون بطلاً بكثرة معارضيه بل بكثرة مؤيديه، فالثورة التي جعلت الجميع أبطالاً لا تعد ثورة شعب ينشد العدل والاستقرار والرفاهية، إنما شعب منح ضياعة لأيادي أبطاله، فان كان لطهران نجاح في سيطرة الحوثيين على صنعاء هو بسبب انها تعاملت مع أبطال ثورة لا يتنازلون عن مواقعهم إلا بدم فقدمت لهم أدوات الدم وهذا شيء لا تستطيع المملكة تقديمه ولكنها تستطيع أن تمنعه إن أراد الشعب اليمني وليس أبطاله.