على وقع سقوط مدينة عمران الإستراتيجية بيد الحوثيين المدعومين من إيران، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في جدة أول من أمس، حيث قدم الرئيس اليمني عرضاً مفصلاً للأحداث المتدهورة في اليمن، خاصة التردي الأمني والاقتصادي وجهود اليمن في محاربة القاعدة. لكن لم يكشف الكثير عن القرارات الصادرة في هذا الاجتماع نظراً لحساسية الأحداث الجارية على الأرض اليمينة. وفي مقال افتتاحي لصحيفة الثورة اليمنية الحكومية حمل عنوان "شكراً خادم الحرمين الشريفين"، قال فيه: "ليست غريبة على الأشقاء في المملكة العربية السعودية مواقفهم التاريخية الأخوية الكريمة والمشرفة تجاه اليمن، وليس غريباً على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وقوفه الدائم ومساندته المستمرة لليمن، وللأخ الرئيس عبدربه منصور هادي، وللشعب اليمني عموماً في مختلف الظروف والمراحل، انطلاقاً من إيمانه المطلق وحرصه على أمن اليمن واستقراره ووحدته، والدفع به نحو تخطي مشكلاته الراهنة".
وتحدث المقال عن نتائج إيجابية وزيارة ناجحة قائلاً: "لاشك أن النتائج الإيجابية التي تكللت بها زيارة الأخ رئيس الجمهورية إلى المملكة تعبر يقيناً عن عمق وأصالة الموقف السعودي الداعم لليمن في السراء قبل الضراء والساعي بكل إخلاص وصدق إلى تجنيب اليمنيين مخاطر التشظي والاحتراب ومساعدتهم من أجل الوصول إلى تحقيق تطلعاتهم في حياة مستقرة وآمنة". وتابع: "وقد كشف الأخ الرئيس عقب هذه الزيارة الناجحة عن حجم التقدير الكبير الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين لليمن ولمستجدات الأوضاع المعقدة وكذا عن تفاعله الأخوي الكريم مع الملفات والقضايا الأكثر إلحاحاً التي طرحها الأخ الرئيس خلال لقائه به وهو ما أسفر عنه توجيه جلالته بتقديم المساعدة والدعم العاجل لليمن لمواجهة التحديات الراهنة خاصة على صعيد الوضع الاقتصادي".
وأضاف المقال عن نوعية الدعم المقدم: "يأتي هذا الدعم السخي والعاجل من قبل حكومة خادم الحرمين في وقت حرج وحساس بالنسبة لليمن، ومن المؤكد أنه سينعكس إيجاباً وبشكل فوري على مجمل الأوضاع داخل البلاد، وسيحول دون تفاقم الأزمة الاقتصادية، وبما يمكن حكومة الوفاق من استكمال المعالجات الضرورية المتعلقة بتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واستعادة السيطرة على الحال السياسية والأمنية التي تواجه تحديات كبيرة لا تخفى على أحد".
وأضاف المقال: "ومن المؤكد في هذا السياق أن الشعب اليمني سيظل يتذكر بإكبار واعتزاز وتقدير هذه المواقف الأخوية للشعب السعودي وقيادته الحكيمة التي أثبتت منذ اندلاع الأزمة اليمنية في العام 2011 أنها أهل للمسؤولية التاريخية، وأنها خير من يرعى أواصر الأخوة والجوار، ويسارع بصدق لتلبية الواجب الديني والأخلاقي تجاه أشقائه، سواء عبر الموقف السياسي القوي الذي دعم بقوة - ولا يزال- خيار السلم وحقن دماء اليمنيين، أو من خلال الدعم الاقتصادي الذي سبق وتجاوز نصف إجمالي تعهدات الدول المانحة لليمن".
وختم المقال قائلاً: "كما سلف القول فليس بغريب ولا طارئ على الحكومة السعودية بقيادة الملك عبدالله الاستمرار في إيلاء اليمن كامل دعمها ومساندتها في شتى الظروف والأحوال؛ لأن ذلك بات من الثابت واللازم في سياسة المملكة القائمة على استشعار مسؤوليتها الدينية والإنسانية والقومية تجاه قضايا الشعوب والمجتمعات العربية والإسلامية، فضلاً عما يمثله اليمن للمملكة من عمق إستراتيجي جيوسياسي وتاريخي لا يمكن التفريط فيه أو تعريضه لرياح المطامع والأخطار الإقليمية".
وتابع: "ويمكن الجزم من هذا المنطلق أن العلاقات اليمنية السعودية ستظل دائماً في أفضل حالاتها استناداً إلى معطيات الأخوة والجوار والاحترام المتبادل بالمقام الأول، ثم بالنظر إلى ما تفرضه إستراتيجية التعاون المشترك على صعيد الملفات الإقليمية، وفي مقدمها الملف الأمني، وما يجابهه في هذا الشأن البلدان الشقيقان من مخاطر الإرهاب والتطرف وما يستدعيه كل ذلك من رفع لوتيرة العمل المشترك إلى أقصى الدرجات".
وفي نفس السياق كشفت صحيفة "القدس العربي" عن أن السعودية أبلغت الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي استعدادها لرفع الحصانة القضائية عن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والتي حصل عليها وفقاً للمبادرة الخليجية. وذكرت الصحيفة أن الرئيس هادي اشتكى صالح إلى السعودية وما أسمتها ب"التجاوزات الكبيرة التي يقوم بها الرئيس السابق"، مشيرة إلى أن السعودية مستاءة من تصرفات صالح، وأبلغت هادي بذلك.
وأشارت الصحيفة إلى أن "السعودية أكدت استعدادها أيضاً لتقديم أي مساعدات عسكرية لدعم الجيش اليمني في معاركه التي يخوضها ضد الحوثيين وتنظيم القاعدة، بما فيها الدعم والإسناد الجوي، وقد أبلغ العاهل السعودي ضيفه الرئيس اليمني بأن المملكة قررت زيادة المساعدات المالية لليمن وتقديم مساعدة عاجلة – لم يعلم مقدارها – حتى الآن".
وأشارت الصحيفة إلى أن هادي أطلع القيادة السعودية على المصاعب التي يواجهها، بدءاً من الحرب مع الحوثيين الذين سيطروا على مدينة عمران شمالي العاصمة صنعاء، مروراً بمحاولات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح لتقويض الحكم والانقلاب عليه وتقديم الدعم العسكري والمالي للحوثيين، وانتهاء بتنظيم القاعدة الذي وصلت به الأمور إلى حد اختراق المنافذ الحدودية اليمنية والعبور إلى السعودية، كما حدث في عملية شرورة يوم الجمعة الماضي.
وكانت الكثير من وسائل الإعلام اليمنية قد تحدثت عن تحرك سعودي عاجل لإنقاذ اليمن يشمل الإسناد العسكري للجيش اليمني في مواجهة الحوثيين وتنظيم القاعدة، بالإضافة إلى دعم اقتصادي عاجل لليمن؛ نظراً لتردي الأوضاع الاقتصادية وتدهورها هناك.