يبدو أن الفعاليات الثقافية والأدبية لم تستطع أن تثبت جدارتها في المناسبات المهمة في حياة المواطن خاصة الأعياد منها، فعلى الرغم من أهمية الثقافة والأدب إلا أن الجهات المعنية بالأعياد تفكر كثيرا بفعاليات ترفيه وتنشيط لسياحة التجارة في حين تغفل كثيرا عن دور الثقافة والأدب كأهم جهة تقدم فكر وأدب وترتقي بذائقة الناس وبمستوى أفكارهم ووعيهم، فالأنشطة الثقافية لوحظ عليها الكثير من الضعف وربما الغياب أيضا عن مناسبات الأعياد وإن حدثت فإنها تخرج بشكل ارتجالي وغير مدروس له ومخطط. وكأن الثقافة هي ثقافة صدفة وليست ثقافة حياة ومشروع بناء للمجتمع. ويقوم المثقفون بأدوارهم في ذلك إلا أن البعض من تلك الفعاليات تقوم بالشكل الروتين الرتيب الذي يخرجها من فعالية فكرية أدبية، إلى فعالية مال وربح الهدف منه جني المال الذي يجب أن يدخل ضمن ميزانية مايطلقون عليه بالتطوير أو التجديد للمؤسسات الثقافية التي مازال للأسف مستواها تحت المستوى المطلوب. فالفعاليات الثقافية وإن حدثت فإنها لا تتخطى جهد البعض ممن يحملون هم الثقافة والأدب ويجدون في ذلك مسؤولية كبيرة.. وذلك ما أدى إلى خروج بعض المثقفين الذي يطالبون بإيجاد فعاليات ثقافية حقيقية يخطط لها وتسلم للفنانين من المبدعين بدل وضعها في قائمة الاحتياط والقرارات المرتجلة.. فلماذا تتغيب في مناسبات الأعياد وغيرها الفعاليات الثقافية الحية والحقيقية والتي تخدم الثقافة والفكر والإنسان؟ وما دور المثقفين في دفع تلك الفعاليات لمزيد من التفاعل العميق بين الثقافة والمجتمع؟. الجفال: علينا أن لا ننتظر المبادرة وأن نقدم الفرح لأنفسنا كي لا تطغى السوداوية المبادرة الحقيقية: يرى حسين الجفال - القاص والمشرف على فعاليات مهرجان الدوخلة بالمنطقة الشرقية- بأن الفعاليات الثقافية تحتاج إلى الجهود الشخصية الحثيثة حتى تخرج بالمستوى المطلوب وأن لا نتوقف على مبادرة جهة ما مشيرا إلى المهرجان الشعبوي والذي يقام في منطقة بعيدة ولكنها ممتدة في التاريخ والتي تتمثل في جزيرة تاروة وفي قرية سنابل حيث يقوم بإدارة مهرجانات متنوعة وثقافية منذ عشرة أيام قبل العيد، وهو مهرجان "الدوخلة" حيث يشارك فيه نخبة من المثقفين من خارج الوطن وداخل الوطن ويحترم من ذلك ذائقة الجمهور الذي لم يعد الجمهور الإقليمي الذي لا يقرأ بل إن الجمهور أصبح جمهوراً واعياً وذكياً ومتطوراً في كل يوم وهو يحتاج إلى دعم، مؤكدا أن الناس الذين لا يرغبون بالعمل والابتكار وتقديم شيء للثقافة فهم من يطلبون الدعم ويتوقفون لديه، أما العالم الذي يؤمن بأن الثقافة سلوك وبأن المعرفة التي تمتلكها أنت وتقدمها للآخرين فيرون بأنها يجب أن تشعرك بالمسؤولية . فعلى سبيل المثال الجمهور الذي جاء في العام الماضي وهذه السنة لكي يحضر الخيمة الثقافية المقامة في هذا المهرجان كان يحاول أن يعزز من دور هذه الفعاليات من خلال الجنسين فكان هناك الموسيقى والشعر والرواية والسينما وهذا يؤكد بطلان ما يتردد من أننا شعب لا يتذوق تلك الفنون فذلك حكم خاطئ ، بل أننا نعشق أدب البحر والبحر قائم على الموسيقى وعلى صرخة البحار وعلى "يا ماي" وأجدادنا وآبائنا عاش على هذا النغم وأصالته. وأشار إلى ضرورة تكثيف الفعاليات الأدبية سواء طوال العام أو حتى في أي مناسبة كانت ، فالثقافة يجب أن تحضر وتغذي أرواحنا وتبعدنا عن السيئ مما يحدث على جميع المستويات، فذلك أمرا ايجابي، فلماذا لا يمتد ذلك ويحضر في كل مكان ففي كل قرية يجب أن تكون هناك مكتبة، وفي كل قرية يجب أن تكون فيها أمسية ثقافية، وفي كل قرية يجب أن يكون فيها حكاوي وأن يعود حتى يعيش الأطفال تلك التفاصيل ويبنوا أحلامهم وأمنياتهم الكبيرة على مداها الواسع. مبينا بأن الدعم أمرا جيد ولكن إذا لم يحصل علينا أن نشارك وننطلق بدون دعم ، فالكثير من الفعاليات الثقافية التي تحدث في العالم والتي نحضرها نشارك فيها ونحن نحب أن نفعل ذلك، فلا نطلب شيئاً سوى أن نحاول أن نقول إن أدبنا ووطنا ممتد وتاريخه ليس من العصر الجاهلي وإنما من آلاف السنوات وهو غني فلماذا لا نشارك في مثل هذه الفعاليات ونشجعها. وأوضح بأنه يكره الفعاليات التي تقوم وترتكز على الحالة المادية فقط والتي تحدث فقط من أجل سلب المواطن الفقير الذي يرغب أن يسعد أطفاله ويرغب في أن يحضر في مثل تلك الفعاليات ثم يدفع "خمسة أو عشرة ريالات " فمثل هذه الفعاليات تحتاج إلى دعم من الدولة أو الوزارة تخفف من حمل هذه التذاكر على المواطن أو المشاهد، أو الطفل الذي يرغب أن يفرح في العيد. وتساءل "الجفال" هل نحن حقا نعيش فرحة الأعياد؟ وفي ظل كل ما يحدث من حولنا من ظروف وأحداث ؟ إن العيد للحاج الذي يعود بعائلته، وكذلك العيد للأطفال، ولكن بما أن هناك نافذة صغيرة على الفرح لماذا لا نقبل عليها، فهذا الصباح يأتي في فترة معينة ويعطي للبشرية أملاً كبيراً، وهذا نحتاجه مثل موضة الشعر حينما تهرب فالعيد حالة من الفرح يجب أن نعيشها بأمل وإلا لن نعيش الغد ولكن يبقى العيد فرحة علينا أن نعيشها، لأن ذلك بمثابة اليوم الآخر وبمجرد أن نتحسس ذلك اليوم الآخر فإننا سنعيش الحالة الجميلة، كذلك هي حالة لإنصاف هذا الطفل الصغير الذي يجب أن ننهض بهذه الفرحة حتى يستشعرها ويعيشها، فكلما جاء عيد نتذكر الأمة العربية والاسلامية وما يحدث فيها فندخل في حالة الانزواء والوحدة والألم بعيدا عن جميع تلك الاحباطات إلا أن ذلك لا يمنعه من أن يأخذ بيد طفله إلى الألعاب والبحر ليفرح بالعيد كما كان يعيش تلك الحالة مع والده الذي كان يأخذ بيده إلى البحر وهو ممتلئ بالأحزان لأعيش تلك اللحظة والفرحة، مشيرا إلى أن فرحة العيد إنما هي بشكلها الحقيقي للأطفال وليس هناك فرحة لنا، فنبتسم بالعيد حتى نستطيع مواصلة الحياة فجميع تلك السوداوية إذا ما آمنا بها، وذهبنا إلى زاوية قصية وبعيدة فلن نستطيع أن نكمل طريقنا في الحياة وسنموت قبل أن نموت، وذلك أصعب شيء يشعر به المرء حينما يشعر بأنه ميت من الداخل. الحمد: الفعاليات الثقافية ضعيفة وهمها الربح المادي البضاعة الرخيصة: ويصف عبد الرحمن الحمد- الكاتب المسرحي والملحن الموسيقي: "الفعاليات الثقافية التي تحدث في الأعياد وبعض المناسبات بأنها مفرقعات هوائية مرتجلة وسريعة، ولايمكن الحكم عليها ولكن غالبية تلك الفعاليات الثقافية لم تخرج بالمستوى المطلوب ومواضيعها بسيطة وغير مدروسة للمناسبة التي تخصص لها ولذلك تخرج استهلاكية وغير مجدية مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى الأمانة التي تتأخر كثيرا في قرارات التفكير في المشاركة بتلك الفعاليات الترفيهية فهي تبلغ الجهة المختصة متأخرا جدا وتعلن عن رغبتها متأخرة فتأتي الأمور على عجل وبشكل سريع وغير متقن على الرغم من أن المناسبات كالأعياد وغيرها تأتي في تواريخ محددة وكان يجب أن يتم الاستعداد لها بشكل جيد وأن تعطى للمكلفين بالأعمال الفنية من المثقفين والفنانين بفترة كافية لتقديم العمل الفني بشكل يخدم الثقافة والجماهير والمواطن بحيث تناقش مواضيع ثقافية وفنية وقضايا اجتماعية وتقدم الترفيه بالشكل الشيق والممتع، وحينما يعيش المواطن مع تلك الفنون يجد نفسه من خلالها. وذكر بأن المؤسسات الثقافية لم تقم بدورها الحقيقي كما يجب فالأهم لديها هو الربح المادي وكم ستجني من تلك الفعالية؟! فتعطي الكم أهمية بالغة فوق أهمية الكيف والمحتوى لذلك فإن الكثير مما يقدم في تلك الفعاليات الثقافية إنما يشبه البضاعة الرخيصة في الأسواق التي تباع على الناس ويدفع فيها الكثير من المال وهي لا تستحق لأنها بضاعة رديئة، وذلك يدعونا إلى أن نفكر في احتياجنا الحقيقي من خلف تلك الفعاليات، فنحن بحاجة إلى وضع التخصص في المكان الذي يليق به ويناسبه، فالعمل الثقافي يعطى للمثقفين والجادين وأن لا يخرج إلى الفساد الإداري والذي أصبح متفشياً فيعطى لمن لا يستحقه. عبدالرحمن الحمد