يطرح تساؤل عن غياب المملكة في المؤشر الدولي لقياس مستوى العناية بالمسنين بين دول العالم، وذلك تزامناً مع اليوم العالمي للمسنين، الذي تتبناه الأممالمتحدة، في غرة الشهر الحالي (اكتوبر) من كل عام وهو المؤشر الذي يصنف مستوى الاهتمام بالمسنين في 96 دولة حول العالم، يعيش فيها نحو 91 % من سكان الكرة الأرضية، لا سيما وأن بيانات مصلحة الإحصاءات العامة تبين أن عدد المسنين في المملكة يقارب مليوناً وثلاثة آلاف مسن، أو ما نسبته 5 % من إجمالي عدد السكان، حيث تحذر أرقام ذلك المؤشر من تجاهل ارتفاع عدد المسنين في العالم من قبل واضعي السياسات في العديد من الدول، مشيرة إلى أنه بحلول العام 2050م ينتظر أن يكون 21 % من سكان العالم فوق سن 60 عاماً. بلا شك ان المملكة من الناحية التنظيمية والتاريخية قد أولت عناية واهتماماً بهذه الفئة من المجتمع التي أفنت حياتها بالعطاء والتضحية لتستحق ما يولى لها من الاحترام والامتنان والرعاية، فقد نصت المادة السابعة والعشرون من النظام الأساسي للحكم على أن الدولة تكفل حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة وتدعم نظام الضمان الاجتماعي وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية، بالإضافة إلى إصدار المملكة للائحة دور الرعاية الاجتماعية، كما أنها على مدى تاريخها الحديث حرصت على إنشاء الدور الخاصة للعناية بالمسنين منذ أن كانت مرتبطة بالخاصة الملكية في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، مروراً بإنشاء الرئاسة العامة لدور الأيتام في عام 1375 ه التي تولت كذلك الإشراف على خدمات رعاية المسنين، إلى حين ضمها إلى مهام وزارة الشؤون الاجتماعية في عام 1380 ه التي تولت بدورها مسؤوليات خدمات رعاية المسنين من خلال إدارة متخصصة لهذا الغرض، تهتم بتحقيق خدمات الرعاية لفئة المسنين ممن لا يوجد لهم اقارب يمكن أن يعتنوا بهم، سواء من خلال دور الرعاية الاجتماعية، أو برنامج الرعاية المنزلية للمسنين داخل أسرهم. ما يمكن أن يكون محل تساؤل في مجتمعنا هو عن مستوى تطور آلية رعاية هؤلاء المسنين التي بقيت على ذات النمط لسنوات وأعني الاقتصار فقط على إيجاد دور للرعاية الاجتماعية لكبار السن، التي بالرغم من محدودية عددها الذي لا يتجاوز عشر دور في المملكة (دار لكل مئة ألف مواطن من كبار السن ) هي لا تحقق بدرجة كبيرة الاستقلالية والكرامة وإدماج هؤلاء المسنين في المجتمع بدلاً من عزلهم واستبعادهم. إن من الآليات المتطورة في الوقت الحاضر والتي كان للدنمارك الريادة في تأسيسها منذ ما يزيد عن أربعة عقود، وتبنتها عدد من الولاياتالأمريكية في التسعينيات الميلادية، هو إيجاد مجمعات سكنية مشتركة ( cohousing communities ( مؤلفة من ما بين 15 35 وحدة سكنية، مخصصة لإقامة أسر من كبار السن فقط، أو من أجيال مختلفة الأعمار من تلك الأسر، وفق رغبتهم، تكون الملكية للأرض والخدمات الاجتماعية والصحية والترفيهية في تلك المجمعات السكنية مشتركة بين هذه الأسر، بينما يتحقق لهم ما يستحقونه من الاستقلالية والكرامة في الوحدات السكنية المتجاورة التي يقيمون بها، سواء كانت مساكن أو شققا سكنية، تعود لهم في الغالب بالتملك أو بالاستئجار من الغير ممن يملكون وحدات سكنية في تلك المجمعات التي يتحقق فيها لكبار السن خدمات الرعاية اليومية الصحية وخلافها على مدار الساعة وكذلك المناخ الاجتماعي المترابط الذي تأسس على هذا المبدأ، والمستقر في ذات الوقت الذي لا تتغير ظروف محيطه كما هو الحال في الأحياء أو المجمعات السكنية الأخرى. فهل نرى في مجتمعنا تطوراً شبيهاً بتلك المجمعات السكنية، تتولى المبادرة والعناية به وزارة الشؤون الاجتماعية، أو جمعية المتقاعدين، لتحفز القطاع الخاص على تبني إقامة مثل هذه المجمعات السكنية المتخصصة.