ما بين يوم البداية واليوم الحاضر في حياة أي مجتمع هناك مسيرة تاريخية.. تتباين عظمتها وقدرتها وحجمها وكفاءتها من مجتمع لآخر، وفي "اليوم الحاضر" يحق لأي مجتمع في هذا العالم أن يفاخر بحاضرة أمام كل مجتمعات العالم.. وما بين يوم البداية وهذا الحاضر هناك مسافات طويلة من الأيام والليالي والسنين.. تخللتها جهود شاقة تحكي قدرة أي مجتمع على الصبر وعلى الكفاح والعمل والإنجازات والتطور وعلى النهضة الشاملة وعلى درجة المكانة العالمية التي يقف عليها هذا المجتمع في هذا اليوم بين شعوب هذا العالم في هذا العصر الذي تشهد كل لحظاته كماً لا يحصى من صور التنافس والصراع في شتى المجالات. نحن في المملكة العربية السعودية مجتمع شأنه شأن كل شعوب ومجتمعات العالم يحتفل بيومه الوطني المجيد ولكن اليوم الوطني السعودي ندرك ويدرك العالم معنا أنه يوم وطني مختلف عن كل الأيام الوطنية العالمية في كل الدول.. فاليوم الوطني السعودي يمثل في حد ذاته صوراً متعددة ففي بدايته تجسدت كل معاني الكفاح والجهاد والوحدة الدينية والاجتماعية لمساحة جغرافية مختلفة كلياً عن سواها وبتركيبة سكانية كانت في ذلك الوقت مختلفة وصعبة جداً في كل صورها ومكوناتها وعلاقاتها!! وتجسدت في حاضره جميع علامات التطور والحضارة ولله الحمد.. ففي ذلك اليوم "البداية" وبإرادة الله سبحانه وتعالى وتوفيقه تطوعت كل تلك الصعاب وتذللت كل العقوبات وزالت شيئاً فشيئاً على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود موحد هذه الدولة فانطلقت على يده مرحلة التوحيد ولم الشمل حتى كوّن بتوفيق الله وطناً هو اليوم يمثل أحد وأهم دول العالم دينياً وسياسياً واقتصادياً من خلال مسيرة بناء تعاهد عليها مجتمع هذا الوطن في ظل قيادة ملوك أخلصوا في القيادة والحكم ملك بعد ملك حتى وصلت هذه البلاد إلى ماهي عليه اليوم بحمد الله وفضله وتوفيقه في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز! إن الاحتفال باليوم الوطني لهذا الوطن الذي يصادف إن شاء الله يوم الثلاثاء القادم ليس مجرد فرح ومظاهر روتينية مكررة كما يعتقد البعض بل الاحتفال بمثل هذه المناسبة هو تذكير بتوفيق الله على ماحظي به هذا الوطن من نعمة التوحيد والأمن والاستقرار والرخاء الذي ينعم به على مدى هذه السنوات الطويلة لذلك حق علينا دوماً أن نرفع أكف الضراعة والشكر لله سبحانه وتعالى على ما نحن فيه وعلى ما تحقق لهذا الوطن من نعمة الأمن والاستقرار. خاصة في ظل الظروف الإسلامية والعربية التي تحيط بوطننا من كل صوب وأن من الواجب علينا نحن جيل الحاضر أن نحافظ على هذه النعمة بالشكر الدائم لله وتقدير هذه النعمة بالمحافظة عليها والتذكير الدائم بأن هذه النعمة وهذا الاستقرار وهذه المكانة لهذه البلاد لم تتحقق إلا من خلال مسيرة شاقة جداً وصعبة للغاية من الكفاح والجهاد قام بها المؤسس ومعه أبناؤه ومعهم رجال مخلصون لهم علينا جميعاً في هذا اليوم حق الدعاء لهم بالرحمة وأن يسكنهم جنات النعيم!! كما نريد اليوم احتفالاً يجسد حقيقة المخلصين في عملهم والناجحين والمميزين الذين عملوا بكل إخلاص وتفان في مسؤولياتهم في مسيرة بناء نهضة هذا الوطن الحاضرة في شتى المجالات الإدارية والفنية والعلمية والخدمية وغيرها وفي عموم مناطق المملكة. نريد احتفالاً يعزز درجات النجاح لكل مسؤول كل في مسؤوليته فالناجح والمميز والمخلص هو من يستحق الذكر في هذا اليوم الوطني.. فهذه المسيرة وهذه الإنجازات وهذه النهضة الشاملة الشامخة من المؤكد أنها لم تتحقق إلا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى ثم بسواعد رجال أخلصوا في مهمتهم وفي واجبهم فمن حقهم علينا أن نتذكرهم في هذا اليوم .. وأن نشكرهم !! حفظ الله هذا الوطن في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي عهده وأدام عليه نعمة الأمن والاستقرار والرخاء وأن يستمر وطناً شامخاً حافظاً للدين وللمقدسات الإسلامية وبلداً معشوقاً لكل المسلمين مادامت الحياة!!