رغم أنَّ «التدخين» يُعدّ أحد الأسباب الرئيسة للوفاة في العالم، إلاَّ أن بعض المدخنين يرون صعوبة في الإقلاع عنه، مرجعين ذلك إلى عدم قدرة الجسم على الاستغناء عن مادة «النيكوتين» التي تحتوي عليها «السجائر»، وهناك من تمكنوا من كسر هذه القاعدة عبر نجاحهم في ترك هذه العادة السلبية إلى الأبد، بيد أنَّ هناك من تركوه مرات عديدة، ثمّ يعودون إليه من جديد، حيث يعلل بعضهم فشلهم في تركه إلى تعرضهم لبعض العوامل التي تجعلهم يعودون لممارسته مجدداً، ومن ذلك بعض الظروف النفسية أو المادية، أو مواجهة بعض المشكلات الأسرية، أو الاختلاط بأصدقاء مدخنين، وغير ذلك من الأسباب التي لا تُبرّر عودتهم إلى ممارسة التدخين بأيّ حال من الأحوال. وأكدت «منظمة الصحة العالمية» في تقاريرها أنَّ «التبغ» تسبب في موت حوالي (100) مليون إنسان في القرن العشرين، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية على ما هي عليه، فإنَّ عدد الوفيات بسبب «التبغ» سيرتفع إلى نحو مليار حالة وفاة في القرن الحادي والعشرين، محذرة من أنَّ عدد الوفيات سيصل إلى أكثر من (8) ملايين حالة وفاة بحلول العام (2030م)؛ بسبب ازدياد أعداد المُدخنين، ومع ذلك فإنَّه ما يزال يتم الترويج لهذه الآفة بين أوساط الشباب؛ مما يزيد من عدد متعاطيه سنوياً. عادة سلبية وقال «علي الغامدي»:»قررت أن أتوقف نهائياً عن ممارسة التدخين في شهر رمضان قبل الماضي، وذلك بعد أن دامت ممارستي لهذه العادة (30) عاماً تقريباً، واستمر إقلاعي عنه حوالي (6) أشهر»، مُضيفاً أنَّ سفره إلى خارج المملكة والتقاءه ببعض أصدقائه المدخنين هناك جعله يعود لممارسة هذه العادة السلبية، موضحاً أنَّه تأثر جداً بحديثهم عنه وأسلوب وطريقة تدخينهم له، مُشيراً إلى أنَّه شعر ب»الدوار والدوخة» بمجرد إشعال «السيجارة» الأولى. وأضاف أنَّ أحدهم لما رآه على هذه الحالة أشار إليه بإشعال السيجارة الثانية، من أجل أن تزول «الدوخة» التي كان يشعر بها، موضحاً أنَّه استمر بممارسة التدخين طوال فترة السفر، مُبيِّناً أنَّه عندما عاد إلى أرض الوطن دخل منزله ووجد أفراد أسرته وبعض أقاربه في انتظاره، لافتاً إلى أنَّهم تفاجأوا حينما رأوه يهم بإشعال سيجارته، الأمر الذي جعلهم يُبدون امتعاضهم، ومن ثمَّ بدأوا في مناصحته؛ مما جعله يراجع نفسه، قبل ان يُقرِّر بعد ذلك الإقلاع عن التدخين بشكل نهائي لا رجعة فيه. أسباب نفسية وأوضح «صالح موسى» أنَّه ترك ممارسة التدخين لفترة طويلة، الأمر الذي جعل وزنه يزداد بشكلٍ مُضيفاً أنَّ ذلك جعله يعود إلى ممارسة التدخين، مُبيِّناً أنَّه علم بعد ذلك من بعض المتخصصين في الصحة العامة أنَّ الأمر لا علاقة به بالتدخين، وأنَّ الأمر ربَّما يعود لأسباب نفسية بالدرجة الأولى، إلى جانب أنَّ زيادة الوزن قد تعود إلى عدم ممارسة الرياضة، وكذلك الإفراط في تناول الطعام بشكلٍ زائد عن حاجة الجسم، مُشيراً إلى أنَّه قرَّر بعد ذلك وتحديداً في شهر رمضان الماضي ترك هذه العادة السيئة. وأشار إلى أنَّ قراره جاء عن اقتناع، خاصةً أنَّ لديه القدرة على ترك التدخين لمدة تصل إلى (14) ساعة خلال نهار الصيام، مُضيفاً أنَّه كان كثير التفكير في العودة إلى التدخين بعد الإفطار دائما، بيد أنَّه حاول أن يُعوّد نفسه ويتأقلم مع الوضع الجديد، موضحاً أنَّ هذا الحال لم يدم طويلاً، إذ كان يراوده الحنين إلى التدخين بمجرد أن يُدخل يده في جيبه، أو عند الحديث والاستطراد في موضوع معين، أو التفكير في أمر ما، مؤكداً على أنَّ مجالسته لأصدقائه المدخنين عجَّلت بعودته إليه من جديد. ممارسة الرياضة وبيَّن «محمد الحمري» أنَّه استمر في ممارسة عادة التدخين مدة بلغت أكثر من (15) سنة، مُضيفاً أنَّه حاول الإقلاع عنه أكثر من مرة، موضحاً أنَّه استعان بالعديد من الوسائل في هذا الجانب، ومنها ممارسة الرياضة، الأمر الذي أعانه على الإقلاع عن التدخين، مُشيراً إلى أنَّ هذا الحال استمر ثلاث سنوات تقريباً، لافتاً إلى انَّه بعد هذه المدة من تركه للتدخين اتفق هو واحد أصدقائه في العمل على استئجار إحدى الاستراحات، حيث يلتقون فيها بصحبة أصدقاء آخرين في أيام الإجازات الأسبوعية. أعذار واهية وأضاف «الحمري» أنَّ أغلب من يأتون إلى الاستراحة هم من المدخنين، الأمر الذي جعله يفقد صبره ومقاومته، ومن ثمَّ عاد لممارسة هذه العادة مرةً أخرى، موضحاً أنَّ سبب عودته تعود لتأثره بأصدقائه، إلى جانب الظروف النفسية والمادية، مُشيراً إلى أنَّ تجربته السلبية في مجال التدخين تجعله دائم النصح لمن حوله بعدم تعاطيه؛ لأنَّه مضر بالصحة وسبباً من أسباب الوفاة، لافتاً إلى أنَّ الأعذار التي يسوقها المدخنون لتبرير عودتهم لممارسة هذه العادة أعذار واهية لا وجود لها إلاَّ في مُخيّلتهم فقط. وأكَّد أنَّ تلك الأعذار لا تُبرِّر العودة إلى ممارسة التدخين بعد الانقطاع عنه بأيّ حال من الأحوال، لافتاً إلى أنَّ الأضرار الناتجة عن التدخين كبيرة وكثيرة على المستوى المادي والنفسي، وحتى على الحياة الزوجية وأفراد الأسرة، متسائلاً عن عدم رضا المدخن عن تدخين ابنه في يومٍ من الأيام، في الوقت الذي يدخن فيه أمامه، خاصةً أنَّه هو القدوة له؟. سبب تافه! ولفت «فيصل الغامدي» إلى أنَّه أقلع عن التدخين منذ أكثر من (10) أعوام، مُضيفاً:»الحمد لله تركت التدخين، وأصبحت أعيش راحة نفسية كبيرة جداً، إذ اختلفت حياتي عن ذي قبل، حتى نومي أصبحت أهنأ فيه، كما أنَّ تعاملي مع أفراد أسرتي اختلف أيضاً، إلى جانب تحسن حالتي الصحية»، ناصحاً من يقلع عن التدخين إلى أن تكون العزيمة والإصرار مصدراً لإلهامه، على أن يضع حينها صحته وصحة أفراد أسرته نُصب عينيه، وأن يعلم جيداً أنَّ العودة لممارسة التدخين لن تجدي نفعاً. وأضاف أنَّ دخان «السيجارة» الذي يسحبه المُدخّن إلى داخل رئتيه ليس فيه فائدة، إنَّما فيه البلاء والمرض، داعياً المُدخنين إلى ترك هذه العادة السلبية، مؤكداً أنَّ عليهم حينما يُقرّرون ذلك عدم الاختلاط بالمدخنين أو مصاحبتهم، مُشيراً إلى أنَّه حاول في أحد الأيام العودة لممارسة التدخين، لدرجة أنَّه أمسك بالسيجارة وكان على وشك إشعالها، بيد أنَّ أحد أصدقائه المقربين شاهده حينها وصاح عليه بصوت عالٍ :»أنت تبغى تموت؟، أستح على وجهك (10) سنوات وأنت مبتعد عنه، والحين لسبب تافه تعود إليه». وأوضح أنَّه رمى «السيجارة» على الأرض، مُضيفاً أنَّه بدأ يتساءل «هل ستحل هذه (السيجارة) مشكلتي التي أفكر فيها؟، وهل ستجلب لي المال؟، أم أنَّها ستؤثّر بشكلٍ سلبي على صحتي؟»، مؤكداً على أنَّ على كل من يقلع عن التدخين، ثمَّ يفكر بالعودة إليه، أن يطرح هذه الأسئلة على نفسه قبل أن يعود إلى ممارسة هذه العادة السيئة. محاضرة دينية وأشار «عبدالله العبدالله» إلى أنَّ بدايته مع ممارسة عادة التدخين بدأت في سنٍ مبكرة، إذ كان ذلك في بداية المرحلة الدراسية المتوسطة بصحبة عدد من زملائه آنذاك، مُضيفاً أنَّه استمر على هذه الحال طوال (12) عاماً، حيث لم تنجح محاولات والده في ثنيه عن ترك هذه العادة، موضحاً أنَّ تركه للتدخين جاء بعد حضوره إحدى المحاضرات الدينية، مُبيِّناً أنَّه استمر على هذه الحال فترة طويلة، قبل أن يعود إليه بسبب جلسة جمعته بمجموعة من أصدقائه على شاطئ البحر، لافتاً إلى أنَّه تأثَّر بهم وأشعل «سيجارة» حصل عليها من أحدهم. قلة الوعي وأكد «بدر البقمي» –عضو منسق في مكافحة التدخين بتحلية المياه بالجبيل– أنَّ التدخين آفة خطيرة انتشرت بين الجنسين، ولم تقتصر على عمر معين أو جنس معين، بل نجد الآن بعض الشباب في عمر الزهور يدخنون، بسبب قلة الوعي الصحي وضعف المسؤولية من الآباء والأمهات والمجتمع، إلى جانب ما يتعرضون له من ضغوطات نفسية، وكذلك ما يجدونه من معاملة سيئة من بعض أولياء الأمور، إضافةً إلى تفنّن الشركات في الإعلان، واستخدام عبوات لافتة وجميلة من حيث الشكل. بدر البقمي وذكر قصه حدثت في مدينة «الخبر»، حينما كان يلقى محاضرة توعوية في معرض «سايتك»، حيث كان من بين الحضور طفلتان اختفيا فجأة عن الأنظار، وعادتا بصحبة والدهما ممسكتين بيده، مُضيفاً أنَّ الأب تقدم على استحياء، ثمَّ بكى، وأخبر الحضور أنه أجرى أكثر من عملية في القلب بسبب التدخين ولم يستطع تركه، ولكنه تائب إلى الله حالياً، ولن يعود إليه، رغم فوات الأوان وتدهور حالته الصحية. وأضاف أنَّ هناك قصة أخرى حدثت لطفل يبلغ عمره (12) سنة، موضحاً أنَّه كان يدخن، حيث جاء به أحد الزملاء ضمن حملة توعوية في مهرجان الربيع بالجبيل، وعند مناقشة الطفل عن أسباب تدخينه، أكد أنَّ نبذ أسرته له كان سبباً رئيساً في ذلك، إذ وصل به الحال إلى استخدام «الحشيس» و»التفحيط» وممارسة بعض السلوكيات الخاطئة، رغم صغر سنه، مؤكداً أنَّه من هذا المنطلق يجب على الأسرة أن تتكاتف لإقناع من يدخن بتركه، إلى جانب الحرص على تعديل كثير من السلوكيات الخاطئة في التعامل مع الأطفال، مشدداً على أهمية التعامل معهم بالطرق الصحيحة. برامج توعوية وعن العودة إلى التدخين بعد الإقلاع عنه، بيّن «البقمي» أنَّ العودة للتدخين مرة أخرى تعتمد بنسبة كبيرة على المدخن نفسه، مُضيفاً أنَّه إن كان شخصاً ضعيفاً أو «إمعة» يقلد الغير ويتأثر بمن حوله، فإنَّه سيعود إليه –بالتأكيد- مهما تركه، وعلى ضوء ذلك هناك برامج توعوية تقدمها بعض الجمعيات الخيرية، مشيداً بالقرارات التي منعت التدخين في المطارات والملاعب، لافتاً إلى أنَّه رغم وجود هذه القرارات، إلاَّ أنَّ أعداد المدخنين في ازدياد، مُشدداً على ضرورة تكاتف المجتمع مع المؤسسات المجتمعية لمحاربته نهائياً. وبيَّن أنَّ من يعودون للتدخين هم قلة جداً، مُضيفاً أنَّهم يرجعون إليه لأسباب قد تكون نفسية أو اجتماعية، أو نتيجة وجود بعض المشكلات الأسرية أو المادية، مُشيراً إلى أنَّ هؤلاء يجدون ضالتهم في التدخين، معتقدين أنَّه ينزه عن أنفسهم قليلاً، مع اعتقادهم كذلك أنَّ هذه «السيجارة» ستنسيهم همومهم ومشكلاتهم، وهذا غير صحيح بتاتاً. الأرجيلة ليست بديلاً عن الدخان وإنما كلاهما مضر بالصحة