حذر مركز أسرى فلسطين للدراسات من ارتفاع وتيرة التعذيب القاتل في سجون الاحتلال، والتي كان آخرها حادثة اغتيال الأسير رائد عبدالسلام الجعبري من مدينة الخليل، في مستشفى "سوروكا"، ومن قبلها عملية اغتيال الأسير عرفات جردات الذي قضى بالتعذيب على يد العملاء (العصافير) في مركز تحقيق الجلمة. واوضح المركز في بيان له أمس السبت "أن تقرير التشريح الطبي يؤكد تعرض الشهيد الجعبرى لضربات قاتلة على الرأس من قبل ما تسمى وحدات "نحشون" المتخصصة في قمع الأسرى داخل سجون الاحتلال ما ادى الى اصابته بنزيف وارتجاج في الدماغ، إلى جانب عدة ضربات خلف الرأس وفي الصدر، وحول عينيه وعلى شفتيه، وقد تسببت بوفاته قبل وصوله إلى المستشفى". واشار الى استشهاد خمسة من الأسرى خلال السنوات الأربع الأخيرة، وثمة مخاوف في اوساط المعتقلين وذويهم من تزايد عمليات القمع والتنكيل التي أصبحت عمليات شبه يومية تقوم بها وحدات القمع الخاصة، بمبررات أمنية واهية، علما ان الأسير المقدسي رائد ابوحماد استشهد في نفس المكان في سجن "إيشل" نتيجة التعذيب. وطالب المركز الطويل السلطة الفلسطينية بالإسراع في الاجراءات القانونية من اجل محاكمة قادة وضباط الاحتلال من خلال رفع قضايا جنائية دولية بحقهم، وإثارة هذه الجرائم على المستوى الدولي. من جانبها، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقرير لها أمس السبت، ان وحدة القمع المسماة "نحشون" هي المسؤولة عن استشهاد الأسير رائد الجعبري في التاسع من الشهر الجاري مع سبق الإصرار والترصد خلال نقله من سجن عوفر العسكري إلى سجن "أيشل في بئر السبع" بعد ضربه في منطقة الرأس، ما أدى إلى نزيف دماغي ووفاته فورا. واوضحت الهيئة وهي الجهة الرسمية التي تعنى بمتابعة قضايا المعتقلين في سجون الاحتلال بعد الغاء وزارة الاسرى إن "قوات نحشون" التابعة لإدارة السجون الإسرائيلية تمثل أداة إرهاب وقمع وعنف بحق الأسرى في سجون الاحتلال. وذكر التقرير أنه من ضمن مهام تلك الوحدات مسؤولية نقل المعتقلين من سجن لآخر، أو من السجن الى المحاكمة، ومنع هروبهم أو اعتراض قافلتهم ومهاجمتها وتحريرهم، وقد اعتدت في أحيان كثيرة بالضرب المبرح على المعتقلين، وألحقت بالعديد منهم أذى جسديا، وفرضت بالقوة مع الكثير من المعتقلين سياسة التفتيش العاري. واشارت الى ان وحدة "نحشون" تعد من أقوى وأكبر الوحدات العسكرية الإسرائيلية وتضم عسكريين ذوي أجسام قوية وخبرات وكفاءات عالية، سبق لهم أن خدموا في وحدات حربية مختلفة في جيش الاحتلال، ويمتلك أعضاؤها مهارات قتالية تقنية من بينها استخدام الأسلحة والمعدات المختلفة، إلى جانب القدرات القتالية البدنية اللازمة للمواجهة والاصطدام المباشر. واضاف: "إن صلب عمل هذه الوحدة يتمثل بمرافقة سيارات نقل المعتقلين، لكن الاخطر من ذلك اقتحامها لغرف السجون أو لأقسام وخيام المعتقلين، ليلا ونهارا، بذريعة التفتيش المفاجئ أو كعقاب لأبسط الأسباب، وفي هذه الحالة تبعثر محتويات الغرف وتسكب جميع المواد على بعضها كالقهوة مع الشاي والسكر ومعجون الأسنان فوق ملابس الأسرى". واكدت ان هذا السلوك ليس له علاقة بالأمن، بقدر ما يستهدف حياة الأسرى واستقرارهم ومفاقمة معاناتهم، علما بأنه في حال حدوث أي احتجاج من قبل الأسرى، تقدم تلك الوحدات على اقتحام المكان معززة بأحدث الأسلحة وتعتدي بالضرب المبرح على الأسرى، ما يؤدي في جميع الأحوال إلى اصابات. واشارت الى ان هذه الوحدة مزودة بزي مميز وأسلحة متنوعة منها السلاح الأبيض، والهراوات، والغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، وأجهزة كهربائية تؤدي الى حروق في الجسم، وأسلحة تطلق رصاصاً حارقاً، ورصاص الدمدم المحرم دوليا، ورصاص غريب يحدث آلاما شديدة. ولفتت الى استخدام تلك القوات سلاح سري في قمع الأسرى، كما حدث في معتقل النقب عام 2007، والذي أسفر عن استشهاد الأسير محمد الأشقر واصابة قرابة 250 معتقلا آخر بينهم بعض الحالات الخطيرة. وأكد التقرير أن وحدات "نحشون" تجبر الأسرى على التعري وتلتقط صورا لبعضهم وهم عراة، والقيام بحركات مشينة ومهينة، وقد عمدت قبل نحو عامين الى اجبار المعتقلين في مركز توقيف وتحقيق المسكوبية بالقدس على التعري الكامل وانهال عناصرها بالضرب المبرح عليهم بالعصي والشتائم البذيئة وسب الذات الإلهية، ومن ثم قاموا بوضع أسير فوق أسير آخر وهم عراة، ما يعيد الى الاذهان المشاهد الأليمة التي حدثت في سجن "أبو غريب" في العراق. وفي إحدى المرات التقطت تلك الوحدات صورا لأطفال أسرى في قسم 7 في سجن "هشارون" وهم عراة، وهددتهم بها للضغط عليهم لإنهاء اضرابهم. وخلص التقرير إلى القول: "إن سجل وحدات نحشون وميتسادا حافل بعشرات الجرائم التي تصنف في القانون الدولي كجرائم حرب، وهذا يستوجب توثيقها وملاحقة مرتكبيها قضائيا ضمن المحاكم الدولية ومحاسبتهم.