يعتبر اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من أكثر الاضطرابات المنتشرة بين الطلاب داخل المدرسة حيث تقدر نسبتهم ما بين 5-10 % في الولاياتالمتحدة، ويعاني هؤلاء الطلاب عددا من الصعوبات التي تشكل عائق بينهم وبين التحصيل الأكاديمي المناسب؛ لذا كانت الحاجة ماسة لإنشاء برامج تربوية داخل مدارسنا تعنى بتقديم الخدمة لهذه الفئة من أبنائنا الطلاب. من هنا جاءت مبادرة وزارة التربية والتعليم -مشكورة- باعتماد افتتاح عدد من البرامج التربوية لخدمة هذه الفئة في مناطق متفرقة من المملكة لسد هذا النقص، والتي أسعدت الكثير من أولياء الأمور والمختصين وكذلك المهتمين بهذه الفئة كونها تعبر من المبادرات الرسمية الرائدة على مستوى المنطقة. ومع أن هذه المبادرة لاقت ترحيبا كبيرا من المهتمين بالمجال إلا أنها تحتاج إلى الكثير من الدعم والمساندة والتطوير للوصول بها إلى أعلى فائدة مرجوة لأبنائنا الطلاب، ولعل من الأمور المهمة التي ينبغي الاهتمام بها حاليا هي كيفية استقطاب وإعداد المختصين في هذا المجال لتدريس هذه الفئة لأنه ليس كل المعلمين قادرين على تقديم الخدمة التربوية المناسبة لهم للارتقاء بقدراتهم الكامنة. فالمعلم المؤهل قادر على تطوير برامج تربوية فردية مفصلة تراعي احتياجاتهم التربوية ويستخدم استراتيجيات تعليمية مبنية على الدليل العلمي؛ لذا فوجود الشخص المؤهل المختص سوف يساهم في تقديم الخدمة المناسبة، وبالجودة المطلوبة، وبأقل التكاليف. من هنا فإنه ينبغي على المسؤولين في وزارة التربية والتعليم الاهتمام بتعيين المعلمين المختصين في هذا المجال للتعامل مع هذه الفئة من الطلاب، وكذلك التنسيق مع أقسام التربية الخاصة بالجامعات السعودية لإعداد الكوادر المؤهلة وذلك من خلال تأهيل المعلمين الحاليين سواء عن طريق برامج الدبلوم العالي في مجال الاضطرابات السلوكية/فرط الحركة وتشتت الانتباه أو تشجيعهم لإكمال مرحلة الماجستير في كيفية التعامل مع الطلاب الذين يعانون من هذا الاضطراب كخطة سريعة لسد الحاجة الملحة في هذا المجال، ويليها -كإجراء طويل الأمد- التنسيق مع أقسام التربية الخاصة بالجامعات السعودية لإعداد برنامج لمرحلة البكالوريوس لتخريج المختصين في هذا المجال. إن مثل هذه الخطوات سوف تساعد على سد النقص في الكوادر المؤهلة، وإيجاد المعلم المتخصص القادر على الارتقاء بالمستوى الأكاديمي لهؤلاء الطلاب، وبالإضافة إلى الاهتمام بالمختصين في المجال فإنه ينبغي أيضا الاهتمام بمعلم التعليم العام، وتطويره حول كيفية التعامل مع هؤلاء الطلاب من خلال العديد من الدورات التدريبية القصيرة، والتي بدروها ستساعد على تكامل الجهود التربوية المقدمة لهذه الفئة من الطلاب. ومن الأمور المهمة مستقبلا هو تقديم الخدمة للاضطرابات السلوكية الأخرى كاضطراب التصرف واضطراب التحدي والمعارضة وغيرها، والتي قد تصاحب فرط الحركة وتشتت الانتباه ولا تقل أهمية عنه، وتشكل خطورة على الفرد المصاب والمجتمع، وتستدعي التدخل التربوي المناسب.