فرط الحركة وتشتت الانتباه هو اضطراب عصبي بيولوجي يصيب الأطفال الذكور والإناث؛ نتيجة الزيادة في إفرازات كيميائية في خلايا الدماغ التي تؤدي إلى خلل في وظائفه، وبالتالي تؤثر تلك الاضطرابات سلباً على سلوك الطفل وانتباهه وتحصيله إلى جانب تفكيره، حيث يظهر سلوكيات غير طبيعية مقارنةً بالأطفال العاديين، ومن تلك الخصائص والصفات القلق والاضطراب وشد الأعصاب في الغالب، بالإضافة إلى الانطوائية والخجل وسلبية الطبع، وكذلك الابتعاد عن مواجهة الآخرين، وصعوبة متابعة التوجيهات والإرشادات الموجهة له، وضعف الذاكرة، إلى جانب صعوبة التركيز لفترة طويلة، وسهولة تشتت الانتباه بأي مثير خارجي، وعدم القدرة على الانتباه للتفاصيل الدقيقة، مع كثرة الكلام والحركة والتململ أثناء الجلوس، والاندفاع والتهور وسهولة الإثارة، ومن الصفات أيضاً الافتقار إلى القدرة على ضبط السلوك، والانتقال من نشاط إلى آخر قبل الانتهاء من النشاط الأول، وتذبذب المزاج وسرعة تقلبه، بالإضافة إلى عدم القدرة على التعبير عن رأيه الشخصي بوضوح، والتهور وسرعة الغضب، والافتقار إلى المهارات الاجتماعية، مع وجود صعوبات في التعلم، وانخفاض الاستجابة والتفاعل مع الحوافز أو التخويف. أسباب الإصابة وأجريت العديد من الدراسات للكشف عن مسببات حدوث اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، إلاّ أنه لم يتم التوصل إلى سبب واضح لذلك، وارجعوا الإصابة بالاضطراب إلى عدة أسباب منها الأسباب العضوية نتيجة تعرض الدماغ لإصابات خلال الحمل أو عند الولادة -صعوبات الولادة ونقص الأكسجين-، بالإضافة إلى إصابة الأم بالمرض وقت الحمل -تناول الأدوية-، وكذلك حدوث اضطراب في النشاط الكيميائي للدماغ، ووجود أسباب جينية أو وراثية، حيث وجد لدى الوالدين أو العائلة بعض الأعراض المرضية والسلوكية، وقد يكون السبب بيئيا. طرق التشخيص ويتم تشخيص الإصابة عن طريقين، هما: جمع بيانات ومعلومات عن الطفل وسلوكياته مع تطبيق بعض الاختبارات للاستدلال على مستوى الذكاء، إلى جانب عمل اختبارات تقييمية مختلفة حسب الحالة ومن ثم تحليلها، أما العلاج فيبدأ بمعرفة طبيعة وأعراض الاضطراب، ثم تقديم العلاج النفسي والاجتماعي المناسبين، وأخيراً العلاج الدوائي تبعاً لعمر المصاب، فمثلاً العلاج دون عمر ست سنوات يكون أسهل بكثير، حيث يحتاج المصاب فقط لعلاج سلوكي دون تدخل طبي، بعكس علاج من يكبرون عن هذا السن، فإنهم يحتاجون عند الكبر إلى علاج طبي وتربوي وسلوكي، ما يعني تضاعف الجهود والإمكانات المسخرة لرعايتهم. حجم المشكلة متوسط الإصابة بفرط الحركة وتشتت الانتباه بين الأطفال في المملكة 15.5 بالمائة، وهي تمثل ثلاثة أضعاف نسبة الإصابة العالمية، رغم أن الدول المتقدمة سبقتنا كثيرا في وضع برامج للمعالجة والاهتمام بهذه الفئة، كما أن 86% من أسباب وجود الاضطراب بالمملكة يرجع للوراثة وزواج الأقارب، إلى جانب أن 35% من المصابين فيه يتعرضون للطرد من المدارس، في حين أن 20% منهم يتوقفون عن الدراسة، إضافة إلى أن فرط الحركة وتشتت الانتباه يعد أكثر الحالات انتشاراً لدى عيادات الأعصاب والطب النفسي للأطفال، حيث تصل إلى 10% لدى الأطفال في المرحلة الابتدائية، وتستمر معاناة الكثير منهم حتى الكبر لكن بأشكال وأعراض مختلفة، كذلك صعوبة ملاحظة أعراض المرض داخل الأسرة أو المدرسة في وقت مبكر، وتفاوت أعراضه من شخص لآخر. الأرقام والنسب مقلقة لتزايد أعداد المصابين وحاجتهم للتشخيص والعلاج والتعليم الخاص فكرة المشروع وقالت "د.سعاد يماني" - استشارية المخ والأعصاب، رئيسة مجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض- حينما عدت من الولاياتالأمريكيةالمتحدة، وبدأت العمل بمستشفى الملك فيصل التخصصي، ولاحظت زيادة نسبة الأطفال المصابين بالاضطراب، وعدد المراجعين بالعيادة ممن لم يكن لديهم أي معرفة سابقة بهذا الاضطراب، مما أكد لي أن التوعية بهذا الاضطراب شبه معدومة، وبدأت حينها بدراسة الوضع الخاص بهذا الاضطراب، ومحاولة قياس مدى وعي المجتمع باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وفوجئت بانعدام شبه كلي للمعرفة عن هذا الاضطراب بين الأهالي والتربويين وأطباء العائلة والأطفال، بالإضافة إلى عدم وجود علاج مكثف وفعال في أية منطقة من مناطق المملكة، كذلك عدم وجود أي خدمات أو دعم لهذه الفئة وذويهم في تلك المناطق، كما أن انعدام الأبحاث الضرورية في هذا المجال والتي من دونها لا يمكن التأكد من حجم المشكلة أو اتخاذ التدابير المناسبة لمساعدة هؤلاء الأطفال كان معضلة رئيسة للشروع بأي خدمات لهذه الفئة. فرط الحركة يحتاج إلى علاج سلوكي وعلاجي معاً وأضافت: في العام 1998 حتى عام 2001 أجريت دراستان في المملكة إحداهما في مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض، أوضحت أن هناك نسبة تعادل 12% من عينة الدراسة تعاني من تشتت الانتباه وفرط الحركة والأخرى أجريت على طلاب المرحلة الابتدائية بالمنطقة الشرقية، وأفادت أن نسبة الإصابة بهذا الاضطراب تتراوح بين 12% إلى 16% حينها بدأت تتضح الرؤيا والنسبة العالية لهذه الفئة وضرورة التدخل، وبالفعل بدأت العمل حينها بتشخيص وعلاج هذه الفئة ومحاولة تكوين لجان تطوعية تقوم بخدمة هذه الفئة وتوعية المجتمع بهذا الاضطراب من مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ومن ثم بدأ عدد الأهالي المحتاجين للمساعدة والدعم بالارتفاع وأصبح عدد المتطوعين من الأطباء والتربويين والمتخصصين والمهتمين بهذا المجال في الازدياد أيضاً؛ مما مكننا من إنشاء مجموعة خيرية لدعم المصابين بهذا الاضطراب وذويهم بدعم من المستشفى، حيث وفر لنا المقر بعد أن ازدادت الحاجة له، وأصبحت المجموعة مجموعة توعوية غير ربحية رسمية لها مقرها وتعمل تحت مظلة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في 3 يوليو من عام 2004م. وأشارت إلى أن المجموعة استمرت بتقديم ما تمكنت من تقديمه إلى عام 2008م، حيث أصبحت جمعية توعوية غير ربحية تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية، ومازالت منذ ذلك الوقت إلى الآن وهي تقيم الدورات التدريبية للتربويين والأهالي والأطباء والمؤتمرات الدولية بالشراكة مع أكبر الجهات العالمية المختصة بهذا المجال، بالإضافة لتقديم الخدمات التوعوية والاستشارات التربوية للأهالي والأنشطة التثقيفية للمجتمع والترفيهية للمصابين، ولكن وبما أن رسالتها تحتوي على أكبر من ذلك وأن رؤيتها هي أن تكون الداعم الرئيس للمصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (افتا) عقدت المجموعة أول مؤتمر لها عن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، وذلك بتاريخ 24-25 شوال 1425ه الموافق 7-8 ديسمبر 2004م والذي انبثق منه عدد من التوصيات ونظراً لتعدد وعظم التوصيات وتفرعها وتعذر تكفل شخص بتنفيذها تم تشكيل لجنة تفعيل توصيات المؤتمر الأول بالشرق الأوسط عن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، والتي كان يترأسها "د.ناصر الموسى" -المشرف العام على التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم- وأعضاؤها (د.سعاد اليماني، د.إبراهيم أبو نيان، د.راشد العبدالكريم، د.إبراهيم العثمان)، ومن أهم وأبرز ما نتج عن هذه اللجنة إعداد المشروع الوطني. د.سعاد يماني مشروع وطني وأصدر مجلس الوزراء قراره المتعلق بالموافقة على المشروع الوطني للتعامل مع الأطفال ذوي تشتت الانتباه وفرط الحركة بتاريخ (8/1/1430ه)، إلاّ أن القرار مازال دون تفعيل، بالرغم من مرور أكثر من سنتين على صدوره، بل ومازال العديد من أهالي الأطفال المصابين ينتظرون تفعيل اللوائح التنفيذية الخاصة به، امتداداً لكافة الجهود الرائدة في مجال رعاية وخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة وتأهيلهم، ولضمان الحصول على الخدمات الصحية كالتأهيل والعلاج، والتربوية والاجتماعية من خلال تنسيق الخدمات بين الجهات الحكومية والخاصة، التي نص عليها القرار لتقديم الخدمات المناسبة لهم وتكفل الحصول على حقوقهم، ومن أبرز هذه الجهات: وزارة الصحة ومن المهام المسندة الى وزارة الصحة وفقاً لما نص عليه القرار ما يلي: إنشاء مراكز وعيادات شاملة لتشخيص وعلاج حالات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، مع توفير الكوادر المتخصصة اللازمة لذلك، واستقطاب الخبرات العالمية المتخصصة في هذا المجال، والعمل على تدريب العاملين بهذه المراكز، بالإضافة إلى إعداد وتطوير وتقنين أدوات التشخيص والتقويم لأفراد هذه الفئة، ودعم الدراسات الميدانية لمعرفة مدى انتشار هذا الاضطراب، وعمل الخطط المستقبلية لرعاية هذه الفئة على ضوء نتائج الدراسات الميدانية، إلى جانب تعريف الأُسر بطبيعة هذا الاضطراب وتثقيفهم بكيفية التعامل معه، والسعي لعلاج وتوجيه بعض الأعراض المصاحبة لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بالعلاج الطبي أو السلوكي، مع تحويل الحالات التي يتم اكتشافها إلى جهة الاختصاص -وزارة التربية والتعليم أو وزارة الشؤون الاجتماعية- حسب الحالة ودرجة الإعاقة، ويشتمل التحويل على تقرير طبي ونفسي واجتماعي ونتائج المقاييس اللازمة والتشخيص حسب التصنيف الدولي للاضطرابات النفسية، مدعماً بتوصيات الطبيب المعالج، ومن مهام وزارة الصحة أيضاً عقد المؤتمرات والندوات المحلية والإقليمية للتعريف بهذا الاضطراب وطرق التشخيص والعلاج. وزارة التعليم العالي أما بالنسبة للمهام المرتبطة بوزارة التعليم العالي فهي: تخصيص عدد من البعثات على مستوى "البكالوريوس" و"الماجستير" و"الدكتوراه" للتخصص في مجال فرط الحركة وتشتت الانتباه، وفي مجال التشخيص والتأهيل التربوي والسلوكي والطبي، إلى جانب توجيه الجامعات بفتح مسارات في أقسام التربية الخاصة بالجامعات للتخصص في مجال رعاية المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وكذلك في أقسام علم النفس لتشخيص وتدريب هذه الفئة، مع إعداد البرامج النفسية والسلوكية للتعامل معهم من قبل جميع شرائح المجتمع خاصة الأسرة والمدرسة، ودعم البحث العلمي في مجال اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ومن المهام أيضاً حث أساتذة الجامعات لإعداد دراسات وأبحاث في مجال الاكتشاف والرعاية لهذه الفئة، وقيام كليات التربية وكليات المعلمين بتضمين خططها الدراسية بمقررات حول الاضطراب، وإعداد وتقنين وتطوير أدوات التشخيص والتقويم الملائمة لتلك الفئة، مع فتح المجال لهم للالتحاق بالجامعات. وزارة التربية والتعليم كما نص القرار على عدد من المهام المتعلقة بوزارة التربية والتعليم ومنها: اعتماد برامج التدخل المبكر لخدمة الأطفال من ذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ويبدأ التدخل المبكر اعتباراً من سن القبول في الحضانة، بالإضافة إلى قبول الطلاب من ذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من الجنسين في برامج التعليم العام، ومنح الطلاب المقبولين في برامج التعليم العام من هذه الفئة كل التسهيلات اللازمة لضمان نجاحهم في برامجهم الدراسية، خاصةً ما يتعلق منها بموضوع الاختبارات، ومراعاة قدراتهم الاستيعابية والتعبيرية والكتابية في البيئة الصفية، ويتم قبول هؤلاء الطلاب وتعليمهم مع زملائهم العاديين وفق خطة تربوية فردية، يحدد فيها البرنامج الملائم لكل طالب، ويراعى فيها قدراته واحتياجاته، مع تبني إعداد وتقديم ورش عمل ومحاضرات تثقيفية للتربويين والأسر لتوعيتهم بهذه الفئة، وكيفية التعامل مع أفرادها في المدرسة والمنزل. وزارة الشؤون الاجتماعية أما بالنسبة للمهام المرتبطة بوزارة الشؤون الاجتماعية فهي رعاية فئة فرط الحركة وتشتت الانتباه من الجنسين بمراكز التأهيل المهني الشامل، حسب ضوابط القبول المتبع بتلك المراكز، إلى جانب صرف إعانة لكل حالة حسب الشروط المحددة لصرف الإعانات بالوزارة، وحث الجمعيات الخيرية وتشجيعها على توفير الخدمات الخاصة لفئة فرط الحركة وتشتت الانتباه، والتشجيع على انشاء الجمعيات الأهلية للعناية بهم. وزارة الثقافة والإعلام وتعد وزارة الثقافة والإعلام إحدى الوزارات التي أوكل عليها المشروع ببعض المهام ومنها: طرح قضايا ذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، واستثمار وسائل الإعلام بالتعاون مع المختصين، لتفعيل أساليب التوعية المناسبة لهذا الموضوع، من خلال الندوات والنشرات والكتيبات التي تنجزها هذه الوسائل كملاحق صحفية أو ملفات إعلامية، وتضمينها نوعية شاملة بأساليب مبسطة يفهمها العامة، بالإضافة إلى تكثيف جهود الإعلام التربوي في الجهات التي تقدم خدماتها ورعايتها للفئات الخاصة للتعريف بذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، إلى جانب تقديم برامج ومواضيع في الإذاعة والتلفزيون والصحف، لإرشاد الأسر وتوجيههم نحو الاكتشاف المبكر لأطفالهم المصابين بالاضطراب، وكيفية التعامل، ومن المهام أيضاً السماح بمشاركة المصابين بالاضطراب في البرامج الإعلامية كنماذج ناجحة من هذه الفئات، وتصميم مقاطع تلفزيونية للتوعية بهذا الموضوع، على أن تشير إلى أهمية التعامل السليم معها، وكذلك تكثيف الطرح الإذاعي والتلفزيوني والدرامي لخدمة هذه الفئة والتعريف باحتياجاتها وطرق التعامل معها، مع تشجيع المؤلف المواطن لإعداد مؤلفات علمية وتربوية تعالج القضايا المرتبطة بهذه الفئة، وتقديم الدعم الإعلامي للمناشط المرتبطة بهذه الفئة. دور القطاع الخاص ولم يكتفِ قرار المشروع بمساهمة تلك الوزارات في خدمة تلك الفئة، بل وأكد على أهمية مشاركة القطاع الخاص من عدة جوانب ومنها تقديم الدعم المالي للجمعيات والمؤسسات المعنية بهذه الفئة، وتمويل الأبحاث والدراسات الخاصة بذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه، إلى جانب تشجيع القائمين على خدمة هذه الفئة من خلال رعاية ودعم المؤتمرات والملتقيات العلمية التي تنظم بهذا الخصوص، وتعريف الغرف التجارية بالمملكة لرجال الأعمال بالجهود التي تؤديها الجمعيات والمؤسسات والمراكز المتخصصة لخدمة هذه الفئة، وكذلك العمل على تقديم الدعم اللازم لأنشطتها، مع تشجيع المدارس الأهلية لتبني برامج لرعاية ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه، ومن المهام أيضاً توفير فرص وظيفية تتناسب وقدراتهم، وتسهيل وتنسيق إعطاء التراخيص اللازمة لفتح مراكز خاصة بتلك الحالات.